للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرج أصله، فأنكرنا ذلك عليه، وتكلّمنا في أمره، فقلنا: إما أنْ يكون مِن أحفظ الناس، أو مِن أكذب الناس، فاجتمعْتُ مع نَفَر من أصحاب الحديث، فاتفقنا على أنْ نكتب له أحاديث مِن أحاديثه ونزيد فيها وننقص، ونقرأها عليه، فإنْ هو علم بها وأصْلحها من حفظه، عرفنا أنّه أوثق الناس، وأحفظهم، وإنْ لم يَفْطَن للزيادة والنقصان، عَلِمْنا أنه مِن أكذب الناس.

فاتفقنا على ذلك، فأخذنا أحاديث من روايته، فبدَّلْنا فيها ألفاظًا، وزدنا ألفاظًا، وتركنا منها أحاديث صحيحة، ثم أتينا بها مع أصحاب لنا من أهل الحديث، فقلنا له: أصلحكَ الله، هذه أحاديث مِن روايتك، أردنا سماعها وقراءتها عليك، فقال لي: اقرأ؛ فقرأتُها عليه، فلمّا أتتِ الزيادة والنقصان فَطِنَ لذلك، فأخَذَ مني الكتاب، وأخَذَ القلمَ فأصلحها مِن حفظه، وألحق النقصان، وضَرَبَ على الزيادة، وصححها كما كانت، ثم قرأها علينا، فانصرفنا مِن عنده وقد طابت أنفسنا، وعلمنا أنَّه مِن أحفظ الناس".

"ورُوي عن قتادة -مِن غير وجه-: "إذا رأيت أنْ يَكْذِبَ صاحبُك فلقنه".

وعن ابنِ سيرين، وابنِ أبي ملَيْكة نحوه.

وقال حمادُ بنُ زيد: "لقنت سلمةَ بنَ علقمة حديثًا فحدَّثَني به، ثم رَجَعَ عنه، وقال: "إذا سرَّك أنْ يَكذِب صاحبك فلقِّنه".

وأخبار الناس في التلقين كثيرة، وسيأتي منها في هذا الكتاب -إن شاء الله- عند ذكر مَن رمِي به من الرواة ما فيه كفاية.

فنقول:

* من يَفْطَن لما يُرمى به مِن ذلك، ويرجع إلى الصواب، فهذا في رتبة "الثقة"، بل في رتبة "الحفظ والإتقان".

* ومن لا يَفْطَن، ففي رتبة "الترك"، لا سيما إنْ أكثر ذلك مِنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>