للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب كونهما كبيرين أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة وتركها كبيرة (١)، وأما النميمة فقد يكون في بعض الأحيان لا سيما إذا تكررت فإن لفظة كان في قوله: كان يمشي بالنميمة، يشعر بالدوام والحالة المستمرة وسيأتي لهذا مزيد بيان.

وقوله (٢): أما أحدهما؛ فكان لا يستتر من بوله وقد اختلف الرواة في هذه اللفظة على وجوه وهذه اللفظة تحتمل وجهين: أحدهما أن تحمل على حقيقتها من الاستتار عن الأعين فيكون العذاب على كشف العورة.

والثاني: وهو الأقرب أن يحمل على المجاز ويكون المراد بالاستتار: التنزه من البول والتوقي منه، أو بعدم ملابسته وإما بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة.

وعبر عن التوقي بالاستتار مجازًا؛ ووجه العلاقة بينهما أن التستر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول؛ قاله القشيري (٣).

قال (٤): وإنما رجحنا المجاز وإن كان الأصل الحقيقة لوجهين:

أحدهما: أنه لو كان العذاب على مجرد كشف العورة؛ كان ذلك سببًا أجنبيًّا مستقلًا عن البول، فإنه حيث حصل الكشف للعورة؛ حصل العذاب المترتب عليه، وإن لم يكن ثم بول، فيبقى تأثير البول بخصوصه مطرحًا عن الاعتبار.

والحديث يدل على أنه عذاب القبر بالنسبة إلى البول بخصوصه والحمل على


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (٣/ ١٩٢).
(٢) هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد كما في شرح عمدة الأحكام (١/ ٦٢).
(٣) المصدر السابق.
(٤) أي ابن دقيق العيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>