للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه (١): "وهذا الإسم يدخل فيما تخترعه القلوب وفيما تنطق به الألسنة وفيما تفعله الجوارح (٢)، وقد غلب لفظ البدعة على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ ومثله لفظ المبتدع لا يكاد يستعمل إلا في الذم (٣).

وأما من حيث أصل الإشتقاق فإنه يقال: ذلك فى المدح والذم لأن المراد أنه شيء مخترع على غير مثال سبق ولهذا يقال في الشيء الفائق جمالًا وجودة: ما هو إلا بدعة.

قال (٤) والبدعة: الحدث في الدين بعد الكمال وهو ما لم يكن في عصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مما فعله أو أقر عليه، أو علم من قواعد شريعته الإذن فيه وعدم النكير عليه. وفي معنى ذلك ما كان في عصر الصحابة رضي اللَّه عنهم مما أجمعوا عليه قولًا أو فعلًا أو تقريرًا، وكذا ما اختلفوا فيه فإن اختلافهم رحمة مهما كان للإجتهاد والتردد مساغ وليس لغيرهم إلا الإتباع دون (٥) الإبتداع (٦).


(١) الحوادث والبدع (ص ٣٨ - ٣٩).
(٢) نهاية كلام الطرطوشي.
وانظر في هذا المبحث الإعتصام (١/ ٣٦ - ٣٧).
(٣) انظر: الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ١٧ - ١٨).
(٤) أى: الجوهرى في الصحاح (٣/ ١١٨٤)؛ ونقله عنه أبو شامة فى الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ١٨) وعنه الشارح هنا.
(٥) اختلف العلماء في تحديد معنى البدعة شرعًا: فمنهم من جعلها في مقابل السنة، ومنهم من جعلها عامة في تحديد كل ما أحدث بعد عصر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سواء كان محمودًا أو مذمومًا.
ولعل أحسنها وأوضحها: الطريقة المخترعة في الدين تضاهي الشرعية يقصد بها التقرب إلى اللَّه ولم يقم على صحتها دليل شرعي صحيح أصلًا أو وصفًا.
انظر الأعتصام للشاطبي (١/ ٣٧)؛ والبدعة وأثرها السيئ في الأمة (ص ٦) سليم الهلالي.
(٦) انظر: الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>