للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي أيضًا: المحدثات من الأمور ضربان:

أحدهما ما أحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا وإجماعا فهذه البدعة الضلالة.

والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لو أحدث من هذا فهي محدثة غير مذمومة (١).

قلت الأمر كذلك ولكن تسمية المستحسن من ذلك بدعة على سبيل التوسع والمجاز وإلا فالبدع المراد بها ما خالف المشروع وتعدى به إلى الممنوع.

وأما المحدثات الحسنة فجائزة ومنها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب (٢) مثل


(١) رواه البيهقي في مناقب الشافعي (١/ ٦٩)؛ وفي المدخل إلى السنن الكبرى (ص ٢٠٦) وذكره أبو شامة في الباعث (ص ٢٠).
(٢) قسم العز بن عبد السلام البدعة إلى خمسة أقسام:
١ - واجبة.
٢ - محرمة.
٣ - مندوبة.
٤ - مكروهه.
٥ - مباحة.
وذكر أن الطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة ثم ذكر أمثلة للبدع الواجبة مثل الإشتغال بما به يفهم كتاب اللَّه وكلام رسول اللَّه. وحفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة.
والمندوبة: مثل إحداث الربط والمدارس وبناء القناطر.
ورد علي الشاطبي في الإعصام وقال: إن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده إذ لو كان منالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة. ولكان العمل داخلًا فى عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها.
قلت: وما ذهب إليه الشاطبي هو الرأى الصحيح، وهو أن البدعة واحدة وهي التي لا دليل عليها من الشرع وأن كل بدعة ضلالة كما جاء فى الحديث الصحيح.
انظر: القواعد الكبرى (٢/ ١٩٥)؛ والاعتصام (١/ ١٩١ - ١٩٢)؛ البدعة وأثرها السيء فى الأمة (ص ٣٩ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>