للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٢ - ٣٣]. انتهى ملخصًا (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس اللَّه روحه في قاعدة له في بيان أن القرآن كلام اللَّه ليس شيء منه كلامًا لغيره، لا جبريل ولا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا غيرهما (٢) قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ. . .} [النحل: ٩٨ - ١٠٢].

فإن الضمير في قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ} عائد على ما في قوله {بِمَا يُنَزِّلُ} والمراد به القرآن كما يدل عليه سياق القرآن وقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} فيه إخبار اللَّه بأنه أنزله لكن ليس في هذه اللفظة بيان أن روح القدس نزل به ولا أنه منزل منه.

ولفظ الإنزال في القرآن قد يرد مقيدًا بالإنزال منه كنزول القرآن، وقد يرد مقيدًا بالإنزال من السماء، ووواد به العلو فيتناول نزول المطر من السحاب ونزول الملائكة من عند اللَّه وغير ذلك، وقد يرد مطلقًا فلا يختص بنوع من الإنزال، بل ربما تناول الإنزال من رؤوس الجبال كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ. . .} [الحديد: ٢٥].

والإنزال من ظهور الحيوان كإنزال الفحل الماء وغير ذلك.

فقوله: {نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} بيان لنزول جبريل به من اللَّه فإن روح القدس هنا جبريل بدليل قوله تعالى: {. . . مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ


(١) انظر: البرهان في بيان القرآن لابن قدامة (ص ٢٥٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ١١٧) وما بعدها؛ ولوامع الأنوار (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>