للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال التفتازاني والمحققون من المتكلمين على أنه من الإضافات والاعتبارات العقلية مثل كونه تعالى قبل كل شيء ومعه وبعده ومذكورًا بألسنتنا ومعبودًا لنا ومميتنا ومحيينا ونحو ذلك قال: والحاصل في الأزل هو مبدأ التخليق والترزيق والإماتة والإحياء وغير ذلك.

قال ولا دليل على كونه صفة أخرى سوى القدرة والإرادة، وإن كانت نسبتها إلى وجود الكون وعدمه على السواء لكن مع انضمام الإرادة بتخصيص أحد الجانبين ولما استدل القائلون بحدوث التكوين بأنه لا يتصور بدون المكون كالضرب بدون المضروب فلو كان التكوين قديمًا لزم قدم المكونات وهو محال.

أشار النسفي ومن يقول بقدمه من علماء السلف إلى الجواب عنه بقوله: وهو أي التكوين تكوينه تعالى للعالم، ولكل جزء من أجزائه، لا في الأزل، بل لوقت وجوده على حسب علمه وإرادته فالتكوين باق أزلًا، وأبدًا، والمكون حادث بحدوث التعليق، كما في العلم والقدرة وغيرهما من سائر الصفات القديمة التي لايلزم من قدمها قدم متعلقاتها لكون تعلقاتها حادثة.

وهذا تحقيق ما يقال إن وجود العالم إن لم يتعلق بذات اللَّه أو صفة من صفاته لزم تعطيل الصانع واستغناء الحوادث عن الموجد، وهو محال باطل أولًا، فليكن التكوين أيضًا قديمًا، مع حدوث المكون المتعلق به، وما يقال: بأن القول بتعلق وجود المكون بالتكوين قول بحدوثه إذ (١) القديم ما لا يتعلق وجوده بالغير، والحادث ما يتعلق به فمنظور فيه لأن هذا معنى القديم والحادث بالذات على ما تقول به الفلاسفة.

وأما المتكلمون فعندهم الحادث ما لوجوده بداية بأن يكون مسبوقًا بالعدم


(١) في الأصل: إذا والمثبت من "ظ" وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>