للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأوزاعي (١) لما سئل عن حديث النزول (يفعل ما يشاء) (٢) وحكى كلام حماد بن زيد المتقدم (٣).

وذكر كلام إسحق بن راهويه وابن المبارك وغيرهم من السلف (٤).

وقال أهل التأويل العرب تنسب الفعل إلى من أمر به كما تنسبه إلى من فعله وباشره بنفسه كما يقولون: كتب الأمير إلى فلان وقطع يد اللص وضربه وهو لم يباشر شيئًا من ذلك بنفسه ولهذا احتيج للتأكيد فيقولون جاء زيد نفسه، وفعل كذا بنفسه وتقول العرب: أنت ضربت زيدًا لمن لم يضربه ولم يأمر بضربه، إذا كان قد رضى بذلك، قال تعالى: {. . فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ} [البقرة: ٩١] والمخاطبون بهذا لم كقتلوهم، لكنهم لما رضوا بذلك ووالوا القتلة نسب الفعل إليهم، والمعنى هنا -أن اللَّه تعالى يأمر ملكا بالنزول إلى السماء الدنيا فينادي بأمره تعالى.

وقال بعضهم: إن قوله ينزل راجع إلى فعله، لا إلى ذاته المقدسة، فإن النزول كما يكون في الذوات يكون في المعانى والحاصل أن تأويله على وجهين، إما بأن المراد بنزل أمره، أو الملك بأمره، وإما أنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين، والإجابة لهم ونحو ذلك كما يقال، نزل البائع في سلعته إذا قارب المشتري بعد مباعدته وأمكنه منها بعد منعه، والمعنى هنا أن العبد في هذا الوقت أقرب إلى رحمة اللَّه منه في غيره من الأوقات، وأنه تعالى يقبل عليهم بالتحنن والعطف في هذا الوقت بما


(١) تقدم (١/ ٣٤٠).
(٢) انظر: شرح حديث النزول لابن تيمية (٤١ - ٤٢)؛ وفتح الباري (٣/ ٣٧) (١٣/ ٤١٧ - ٤١٨).
(٣) (١/ ٣٢٤).
(٤) انظر: أقاويل الثقات (ص ٢٠٠)، ولوامع الأنوار (١/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>