للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علم مذهب السلف، وأنه الإيمان بما ورد من غير تكييف ولا حد -واللَّه الموفق (١).


=: إن اللَّه أمر بكذا وقال كذا. . . إلى أن قال: ولا يمكن أن يقول الملك بـ "لا أسأل عن عبادي غيري".
كما رواه النسائي وابن ماجة وغيرهما وسنده صحيح.
وأما الحديث الذي احتجوا به "ثم يأمر مناديا. . . إلخ فقال إن كان هذا ثابتًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن الرب يقول ذلك ويأمر مناديًا بذلك لا أن المنادي يقول من يدعوني فأستجيب له، ومن روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن المنادي يقول ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته الأمة خلفًا عن سلف فاسد في المعقول. يعلم أنه من كذب بعض المبتدعين كما روى بعضهم (ينزل) بالضم) وكما قرأ بعضهم {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، ونحو ذلك من تحريفهما للفظ والمعنى. انتهى.
انظر شرح حديث النزول (٥، ٣٥، ٣٧، ٤٦)، وانظر تعليق الشيخ عبد اللَّه بابطين في حاشية لوامع الأنوار للشارح (١/ ٢٤٨ - ٢٥٠) وانظر هذه التأويلات والجواب عنها في "أبطال التأويلات لأخبار الصفات" لأبي يعلى (١/ ٢٦٢) وما بعدها.
وقال ابن القيم في تعليقه على سنن أبي داود: "فإن قيل كيف تصنعون بما رواه النسائي -وساق رواية النسائي هذه؟ قلنا: وأي منافاة بين هذا وبين قوله "ينزل ربنا فيقول" وهل يسوغ أن يقال إن المنادي يقول: أنا الملك" ويقول: "لا أسأل عن عبادي غيري" ويقول: "من يستغفرني فأغفر له؟ " وأي بعد في أن يأمر مناديًا ينادي" هل من سائل فيستجاب له"، ثم يقول هو سبحانه: "من يسألني فاستجب له؟ " وهل هذا إلا أبلغ في الكرم والإحسان: أن يأمر مناديه يقول: ذلك ويقوله سبحانه بنفسه؟ وتتصادق الروايات كلها عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نصدق بعضها ونكذب ما هو أصح منه وباللَّه التوفيق.
تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (٧/ ١٢٦ - ١٢٧).
(١) كتب هنا في هامش "ظ" بلغ مقابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>