للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "والمتأخرون منهم أنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد فرارًا من تعلق القديم بالمحدث" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما هؤلاء -يعني الفرقة الثانية- فإنهم مبتدعون ضالون لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك".

قال: "وفي هؤلاء خلق كثير من العلماء والعباد كتب عنهم وأخرج الشيخان لجماعة منهم، لكن من كان داعية لم يخرجوا له، وهذا مذهب فقهاء أهل الحديث كالإمام أحمد وغيره" (٢).

(من كان داعية) (٣) إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس، وإن كان في الباطن مجتهدًا، فأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين، فلا يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك.

ولهذا لم يخرج أصحاب الصحيح لمن كان داعية، ولكن رووا هم وسائر أهل العلم عن كثير ممن كان يرى رأي القدرية والمرجئة والخوارج والشيعة، ولهذا قال سيدنا الإمام أحمد: "لو تركنا الرواية عن القدرية لتركنا أكثر أهل البصرة" (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا لأن مسألة خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات مسألة مشكلة، ولهذا القدرية من المعتزلة وغيرهم أخطأوا فيها" (٥) وقد أفرط القدرية غاية التفريض بحيث إنهم نفوا أن يكون اللَّه تعالى خالقًا لأفعال عباده مع قوله تعالى:


(١) انظر: فتح الباري (١/ ١٤٥).
(٢) انظر: الكفاية للخطيب (ص ١٢١).
(٣) كذا العبارة في النسختين وفي الإيمان لابن تيمية (٧/ ٣٨٥): "إن من كان داعية إلى بدعة فإنه. . . " وفي "لوامع الأنوار" (١/ ٣٠١ - ٣٠٢): "ومن كان داعية إلى بدعة".
(٤) الإيمان لابنه تيمية (ج ٧/ ٥٨٦) من مجموع الفتاوى.
(٥) انتهى كلام ابن تيمية. انظر كتابه الإيمان (ج ٧/ ٣٨٥ - ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>