للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيف (١) وسبقه إلى ذلك شيخه الإمام العز بن عبد السلام (٢) وهما


(١) رأيه هذا ذكره في كتابه الانتقاد في الاعتقاد (كما في شرح الشيخ قاسم بن عيسى القروي على متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني) (١/ ٥٧ - ٥٨).
(٢) العز بن عبد السلام: تقدم التعريف به (١/ ٢٩٥).
وقد ذكر المؤلف رحمه اللَّه في كتابه اللوامع (٢/ ١٩٣) سبب تأويلهم كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف -وكلامهم يرجع إلى ما قاله الحليمي في المنهاج (١/ ٤٦٣).
وتابعه البيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٢٤٥ - ٢٤٧) في معنى الحديث قال الحليمي: "والمعنى -واللَّه أعلم- أن أمر الصراط والجواز عليه أدق من الشعر أن يكون عسره على قدر الطاعات والمعاصي، ولا يعلم حدود ذلك إلا اللَّه تعالى جده لخفائها وغموضها، وقد جرت العادة بتسمية الغامض الخفي دقيقًا، وضرب المثل به بدقة الشعر، فذا واللَّه أعلم من هذا الباب".
إلى أن قال: "فأما أن يقال إن الصراط نفسه أحدّ من السيف وأدق من الشعر فذلك (مرفوع كذا في الأصل والظاهر مدفوع) بنفس هذا الحديث لأن فيه: إن الملائكة يقومون بجنبيه، ويقولون: اللهم سلم سلم، وفيه أن فيه كلاليب وحسكا (في الأصل مسكا) وفيه أن ممن يمر على الصراط من يقع على بطنه، ومنهم من يزل ثم يقوم وفيه: إن من الذين يمشون عليه من يعطى النور بقدر موضع قدميه، وفي ذلك إثبات أن المارين عليه مواطئ الأقدام ومعلوم أن دقة الشعر لا تحتمل هذا كله.
وقد سألت أحد الحفاظ عن هذه اللفظة فذكر أنها ليست ثابتة فأما أن لا يشتغل بها، وإما أن يحمل على المعنى الذي ذكرنا -واللَّه أعلم" انتهى.
وقال البيهقي: "وهذا اللفظ من الحديث لم أجده في الرويات الصحيحة".
وتابعه القرافي -كما ذكر الشارح في اللوامع- وقد رد عليهم المؤلف بقوله: "وقد رد هذا الإمام القرطبي وغيره من أئمة الآثار، وقد أخرج مسلم تلك الزيادة في صحيحة عن أبي سعيد بلاغًا وليست مما للرأي والاجنهاد فيه مجال فهي مرفوعة، وقد مر من الأخبار ما يوجب الإيمان بذلك، ثم إن القادر على إمساك الطير في الهواء قادر على أن يمسك عليه المؤمن ويجريه ويمشيه" انتهى.
انظر: لوامع الأنوار (٢/ ١٩٣ - ١٩٤)؛ والتذكرة للقرطبي (ص ٤٠٠ - ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>