للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفور، وما حكاه العراقيون من المالكيين عن المذهب، وأما عن مالك نفسه فلا. (١٤) اهـ


(١٤) اختلف في المذهب المالكي في فريضة الحج، هل هو على الفور أم على التراخي؛ فمن قال هو على الفور، ذهب إلى أنه يجب على المكلف المبادرة إليه في أول سنة يمكنه الإتيان به، ويعصى بتأخيره عنها. ومن قال هو على التراخي لم يوجب المبادرة إليه في أول سنة.
وحتى من ذهب إلى القول بأنه على التراخي أوجبه فورا عند خوف الفوات؛ إما لفساد الطريق بعد أمنها، أو لخوف ذهاب ماله أو صحته، أو بلوغه سنن معترك المنايا -من الستين إلى السبعين-.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: (وإنما يتعين وجوبه إذا غلب على ظن المكلف فراته .. فماذا أخر الرجل حجه عن ذلك الوقت الذي يغلب على ظنه العجز عنه يعد عاصيا، وإن اخترمته المنية قبل أن يغلب على ظنه الفوات فليس بعاص).
والقول بفوريته رواه ابن القصار، والعراقيون عن مالك، وشهره القرافي، وصاحب العمدة، وابن بزيزة. والفول بتراخيه شهرة ابن الفاكاهاني في كتاب الأقضية من شرح الرسالة. وقال صاحب التوضيح: (والباجي، وابن رشد، والتلمساني، وغيرهم من المغاربة يرون أنه المذهب) اهـ. وقد عاب الخطاب على الشيخ خليل التسوية: بين القولين في المذهب؛ وهذا نص كلامه: (سوى المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- هنا بين القولين، مع أنه قال في توضيحه: "الظاهر قول من شهر الفور، وفي كلام ابن الحاجب ميل إليه لأنه ضعف حجة التراخي، لأن القول بالفور نقله العراقيون عن مالك. والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل، وليس الأخذ منها بقوي"). اهـ.
وقال ابن الفراس -في أحكام القرآن-: (الذي عليه رؤساء المذاهب والمنصوص عن مالك الفور).
وعد سوق الحطاب لعدة أدلة لترجيح ما ذهب اليه ختم التنبيه العقود لهذا المبحث بقوله:
(إذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفور أرجح، ويؤيد ذلك أن كثيرا من الفروع التي يذكرها المصنف في الإستطاعة مبنية على الفور، فكان ينبغي للمؤلف أن يقتصر عليه).
انظر: الرسالة، لإبن أبي زيد القيرواني (ت ٣٨٦ هـ)، مختصر خليل، للشيخ خليل بن إسحاق (ت ٧٧٦ هـ)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغربي الشهير بالحطاب: (ت ٩٥٤ هـ): (ح: ٢/ ٤٧١)، شرح عبد الباقي الزرقاني (ت: ١٠٩٩ هـ) على مختصر خليل، وبهامشه حاشية الشيخ محمد البناني (ت ١١٩٤): ج ٢/ ٢٣٠ - شرح أبي عبد الله محمد الحرشي (ت ١١٠١ هـ) على مختصر خليل؛ وبهامشه حاشية على العدوي الصعيدي (١١٩٨ هـ): (ج ٢/ ٢٨٢)، الفواكه الدوانب على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أحمد بن غنيم النفراوي المالكي ت ١١٢٥ هـ: (١/ ٣٦٠)، الشرح الصغير على "أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك" - ألفه الشارح نفسه؛ أبو البركات؛ أحمد بن محمد بن أحمد الدردير (ت ١٢٠١ هـ). وبهامشه حاشية الشيخ أحمد بن محمد الصاوي (ت ١٢٤١ هـ): (ح: ٢/ ٤ ..)، أسهل المدارك: شرح إرشاد السالك في فقه امام الأئمة مالك، لأبي بكر بن حسن الكشناوي (أتم تأليفه سنة ١٨٨٣ هـ): (ج: ١/ ٤٤٢).
ملحوظة: إرشاد السالك ألفه عبد الرحمن بن محمد بن عسكر المالكي البغدادي (ت ٧٣٢ هـ)، جواهر الإكليل؛ شرح مختصر في مذهب الإمام مالك، لصالح عبد السميع الآبي الأزهري (ج: ١/ ١٦٠).