للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتوجه هنا سؤال عن وجه إدخال "ثم" في هذا المحل؛ حيث كانت الإفاضة المذكورة [بعدها، هي بعينها الإفاضة المذكورة] (١) قبلها، فما معنى عطف الأمر بها (٢) بكلمة "ثم" الدالة على التراخي على الأمر بالذكر المتأخر عنها، وكيف موقع "ثم" من كلام البلغاء؟

فأجاب الزمخشري بما معناه: أن (٣) موقعَها موقعُ "ثم" في قولك: أحسنْ إلى الناس، ثم لا تحسنْ إلى غيرِ كريم؛ لأن قوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ} [البقرة: ١٩٨] دالٌّ على وجوب الإفاضة من عرفات، ومعنى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩] لتكن إفاضتكم منه، لا من المزدلفة [فصار كأنه قيل: أفيضوا من عرفات، ثم أفيضوا من المزدلفة] (٤)، ومعنى "ثم": الدلالة على بعد ما بين الإفاضتين؛ أعني: الإفاضة من عرفات، والإفاضة من المزدلفة؛ لأن الأولى صواب، والثانية خطأ، وبينهما بَون عظيم، وهذا النوع من التباين لا ينافي تفاوتَ المرتبة وتباعدَها (٥).

كذا قرره العلامة سعد الدين التفتازاني، قال: وعليه سؤال ظاهر، وهو أن التفاوت والبعد في المرتبة إنما يعتبر (٦) بين المعطوف والمعطوف عليه،


(١) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(٢) في "ع": "به".
(٣) في "ع": "أما".
(٤) ما بين معكوفتين زيادة من "ج".
(٥) أنظر: "الكشاف" (١/ ٢٧٥).
(٦) في "ع": "إنما هو يعبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>