للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم لا غربةَ عليه بعدها، فدل ذلك على أن الحال قابلة لتغير الأحكام، يرد بذلك على مَنْ زعم أن التربة لا تُقبل باعتبار الشهادة، وإنما تقبل باعتبار زوال اسم الفسق، وما فيه صريح الرد على الشافعي، بل ساق البخاري الآثار الدالة على أن القاذف لا بد في توبته من إكذابه نفسَه (١)، والآثار الدالة على عدم الاحتياج لذلك، وجعلها مسألة نظرية، والأدلةُ فيها متعارضة، لكن الصحيح بعد ذلك أن إكذابَه لنفسه (٢) لا يشترط.

ألا ترى أنه لو كان صادقاً في نفس الأمر، كيف يجوز له إكذابُ نفسه (٣)، وهو حينئذ كاذبٌ في إكذاب نفسه؟ فعلى هذا ينسدُّ على الصادق في قذفه بابُ التوبة.

ثم سأل (٤) فقال: إن كان صادقاً في قذفه، فمم يتوب إذن؟

وأجاب: بأنه يتوب من الهَتْك، ومن التحدُّث (٥) بما رآه (٦) وقد ستره الله، وأما إن كان كاذباً في قذفه، فإنه يتوب من البهتان، وقولُه تعالى: {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣]؛ أي: هم المكذَّبون في حكم الله، عليكم أن تكذِّبوهم، وإن كانوا صادقين في نفس الأمر؛ لأن علينا أن نبني على ظاهر السلامة والستر والصيانة للمسلم، سواء وافقنا العلمَ، أو خالفناه (٧)؛ كما


(١) في "ع" و"ج": "بنفسه".
(٢) في "ع": "بنفسه".
(٣) في "ع": "بنفسه".
(٤) "ثم سأل" ليست في "ع".
(٥) في "ع" و"ج": "التحديث".
(٦) في "ع": "رواه".
(٧) في "ع": "وأخلفناه".

<<  <  ج: ص:  >  >>