للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَفوَانَ، مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ: أَمَا وَاللَّهِ! لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا، لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عليك مِنْهُ، طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ أُمُيَّةُ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبي الْحَكَم سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِي، فَقَالَ سَعْدٌ: دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّة، فَوَاللَّهِ! لقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ. قَالَ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمُيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ! أَلَمْ تَرَيْ مَا قَالَ لِي سَعْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَن مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ، قَالَ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ أمُيَّةُ: وَاللَّهِ! لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كانَ يَوْمَ بَدْرٍ، اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ، قَالَ: أَدْرِكُوا عِيرَكمْ، فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي، تَخَلَّفُوا مَعَكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَالَ: أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي، فَوَاللَّهِ! لأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ! جَهِّزِينِي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! وَقَدْ نَسَيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَ: لَا، مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ، أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ، حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِبَدْرٍ.

(وقد أويتم الصُّباة): -بهمزة مقصورة وتمد أيضًا- تقول: أَوَيْتُهُ أنا إليَّ، وآوَيْتُهُ، فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ، بمعنى، والصباة جمعُ صابٍ، وهو الخارجُ من دينه.

(أما والله!): -بتخفيف الميم- ليس إلا حرفَ استفتاح، وحكايةُ الزركشي

<<  <  ج: ص:  >  >>