للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف يتمشى هذا في قوله في الحديث: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ، مَعَ السَّفَرَةِ"؟

قلت: ليس خبرًا لـ"مَثَلُ" قولُه: "مع السفرة"، وإنما هو محذوف، تقديره: كونُه مع السفرة، والمعنى: أن صفته الغريبةَ العجيبةَ الشأنِ هي كونُه مع السفرةِ الكرامِ البررة.

فإن قلت: وما تقدير [قوله: "وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ"؟

قلت: التقدير] (١): مَثَلُ مَنْ (٢) هو بهذه الحالة مَثَلُ مَنْ يحاول عبادةً شاقةً يقوم بأعبائها، مع شدتها وصعوبتها عليه، فله أجران؛ أي: أجرٌ على فعلِ العبادة، وأجرٌ على تحمُّل المشقة.

فإن قلت: ظاهرُ الحديث: أن الأول أفضلُ من الثاني؛ بدليل الإخبارِ بأنه مع السفرة، وكيف والأجرُ على قدر المشقَّة؟

قلت: هما رأيان في المسألة، فمن الناس من ذهبَ إلى أن أجر الثاني أكثرُ، وأن المراد من ثبوت الأجرين له: ثبوتُ أجر الأولِ له مضاعَفًا؛ تمسكًا بأن الأجور بحسب ما يرتكبه المأجورُ من المشقة، ومنهم من ذهب إلى أن الأولَ أفضلُ؛ بشهادة كونِه (٣) مع السفرة، وشهادةِ كونه ماهرًا باعتنائه بالقرآن، وإتقانه وحفظه، ولا شك أن هذه المهارة لا تحصل للإنسان بحيث تصيرُ مَلَكَةً


(١) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(٢) "من" ليست في "ج".
(٣) في "ع": "مع كونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>