للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما القسم الأول، فقد جعلوه من محل الخلاف.

قال الشيخ تقي الدين السبكي - رحمه الله -: الذي يتجه القطعُ بأن العبرةَ بعمومِ اللفظ؛ لأن عدولَ المجيب عن الخاص المسؤولِ عنه (١) إلى العام، دليلٌ على إرادة العموم.

وأما الخطاب الذي لا يَرِدُ جواباً لسؤال سائل، بل وردَ بسبب (٢) واقعةٍ وقعت، فإما أن يرد في اللفظ قرينةٌ تُشعر؛ كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: ٣٨]، والسبب: رجلٌ سرقَ رداءَ صفوان، فالإتيانُ بالسارقة معه قرينةٌ تدلُّ على عدم الاقتصار على المعهود، وكذلك العدول عن الإفراد إلى الجمع (٣)؛ كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨]، نزلت في عثمانَ بنِ طلحةَ، أخذَ مفتاحَ الكعبة، وتَغَيَّبَ به، وأبى أن يدفعَه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: إن علياً - رضي الله عنه - أخذه منه، وأبى أن يدفعه إليه، فنزلت، فأعطاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إياه، وقال: "خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ مُخَلَّدَةً فِيكُمْ، لا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ" (٤).

وإن لم يكن ثَمَّ قرينةٌ، فمقتضى كلامهم الحملُ على المعهود، إِلَّا أن يُفهم من نفسِ الشرعِ تأسيسُ قاعدة، فيكون دليلًا على العموم؛ وإن كان العمومُ لفظاً آخر، فحسنٌ أن يكون ذلك محلَّ الخلاف (٥).


(١) في "ج": "عن خلاف".
(٢) في "ع" و"ج": "سبب".
(٣) "إلى الجمع" ليست في "ع".
(٤) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٢٣٤)، وفي "المعجم الأوسط" (٤٨٨) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) انظر: "الإبهاج" للسبكي (٢/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>