للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فاستقبَلوها): بفتح الباء على الخبر، وبكسرها على الأمر.

فإن قلت: إن كان مقصودُ البخاري أن يثبت قبولَ خبرِ الواحدِ بهذا الخبر الذي هو خبرُ الواحد، فإنَّ ذلك إثباتُ الشيء بنفسه.

قلت: إنما مقصودُه التنبيهُ على مثالٍ (١) من أمثلةِ قبولهم خبرَ الواحد؛ [لينضم إليه أمثالٌ لا تُحصى، فثبت بذلك القطعُ بقبولهم لخبرِ الواحدِ] (٢).

ثم مما يتعلق بالكلام على هذا الحديث، وهو استقبالُ أهلِ قُباءٍ إلى الكعبةِ عند مجيء الآتي لهم، وهم في صلاة الصبح؛ لأنه - عليه السلام - أمرَ أن تُستقبل الكعبة: أن نسخ الكتاب والسنة المتواترة (٣) بخبر الواحد هل يجوز، أو لا؟ الأكثرون على المنع؛ لأن المقطوعَ لا يُزال بالمظنون (٤).

ونُقل عن الظاهرية: جوازُ ذلك، واستُدل للجواز بهذا الحديث، ووجهُ الدليل: أنهم عملوا بخبر الواحد، ولم يُنكر عليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن دقيق العيد: وفي هذا الاستدلال عندي مناقشة؛ فإن المسألة مفروضةٌ في نسخ الكتابِ والسنةِ المتواترةِ بخبر الواحد، ويمتنع في العادة في أهل قُباءٍ، مع قربهم من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإتيانهم إليه، وتيسُّرِ مراجعتِهم له أن يكون مستندُهم في الصلاة إلى بيت المقدس خبراً عنه - صلى الله عليه وسلم - مع طول المدة، وهي: ستةَ عشرَ شهراً، من غير مشاهدة لفعله، أو مشافهة من قوله (٥).


(١) في "ج": "أمثال".
(٢) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(٣) في "ج": "التواتر".
(٤) في "ج": "المظنون".
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>