للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: يمكن وجهٌ أظهرُ من هذا، وذلك أن تجعل "ما" مصدرية (١)، وهي وصلتها في محل رفع على الابتداء، وقوله: "في كبيرٍ" [خبر؛ أي: وتعذيبُهما في كبير] (٢)، وهذا هو معنى الرواية الصحيحة التي ذكرها.

فإن قلت: يمنع من ذلك قولُه في هذا الحديث نفسِه: "ثم قال: بلى"، وهي مختصة بإيجاب النفي، ولا نفيَ مع جعلك "ما" مصدريةً.

قلت: قد يجاب بأنا لا نسلم أنها لا تقع إلا بعد نفي، فقد ذهب بعضهم إلى أنها تستعمل بعد الإيجاب المجرَّد مستدلًا بقوله:

وَقَدْ بَعُدَتْ (٣) بِالوَصْلِ بَيْني وَبَيْنَهَا ... بَلَى إِنَّ مَنْ زَارَ القُبُورَ لَيَبْعُدَا (٤)

أي: ليبعدن -بالنون الخفيفة-، نقله الرضي، سلَّمنا أنه لا بد من سبق النفي لها، لكنهم قد يعطون الشيء حكمَ ما أشبهه في لفظه، وقد فعلوا ذلك في "ما" المصدرية، فعاملوها معاملة "ما" النافية في زيادة إنْ بعدها (٥).

قال الشاعر:

وَرَجِّ الفَتَى لِلخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ ... عَلَى السِّنِّ خَيْرًا لا يَزَالُ يَزِيدُ


(١) في "ج": "تجعل المصدرية".
(٢) ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(٣) في "ج": "تعهدت".
(٤) في "ع": "ليبعدن"، وفي "ج": "بعيد".
(٥) في "ج": "بعدها معاملة ما النافية في رسالة إن تعهدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>