للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظِّهَارَ لَيْسَ هُوَ لِحَلِّ العُقْدَةِ، لأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى جَعَلَ فِيهِ الكَفَّارَةَ.

* قَوْلُ مَالِكٍ: (لَيْسَ على النِّسَاءِ ظِهَارُ) [٢٠٦٣]، قالَ أبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُخَالَفَةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّ المَرْأَةَ إذا تَظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنَّ الكَفَّارَةَ تَلْزَمُهَا، وحُجَّةُ مَالِكٍ في ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٢]، ولَمْ يَقُلْ: (واللَّوَاتِي يُظَاهِرُونَ مِنْ أَزْوَاجَهِنَّ).

قالَ أبو المُطَرِّفِ: اخْتُلِفَ في مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، قالَ ابنُ القَاسِمِ: إنَّ العَوْدَ هَهُنَا أَنْ يَعُودَ المُتَظَاهِرُ إلى الوَطءِ الذي كَانَ قَد امْتَنَعَ مِنْهُ بالظِّهَارِ الذي أَلْزَمَهُ نَفْسَهُ.

وقالَ الأَبْهَرِيُّ: وَجْهُ هذَا القَوْلِ أَنَّ الظِّهَارَ هُوَ تَحْرِيمُ الوَطْءِ، فَمَتَى عَادَ المُتَظَاهِرُ إلى الوَطْءِ الذي كَانَ قَدْ حَرَّمَهُ على نَفْسِهِ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الكَفَّارَةُ.

* وقالَ أَشْهَبُ: إنَّ مَعْنَى العَوْدَةِ هَهُنَا أَنْ يَجْمَعَ المُتَظَاهِرُ على إمْسَاكِ الذي تَظَاهَرَ مِنْهَا وإصَابَتِهَا، فَمَتَى أَجْمَعَ عَلى ذَلِكَ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الكَفَّارَةُ، وهَذا نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ في المُوطَّأ [٢٠٦٤].

قالَ الأَبْهَرِيُّ: وَجْهُ هَذا القَوْلِ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، فَأَوْجَبَ الكَفَّارَةَ بالعَوْدَةِ، فَدَلَّ أَنَّ الذِي أَوْجَبَ الكَفَّارَةَ بِشَيءٍ غَيْرِ الوَطْءِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ العَوْدُ الوَطءُ لَجَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَ، ثُمَّ تَلْزَمُهُ الكَفَّارَةُ، فَلَمَّا مَنَعَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنَ الوَطْءِ، وأَوْجَبَ عَلَيْهِ الكَفَّارَةَ بالعَوْدِ عُلِمَ أنَ العَوْدَ غَيْرُ الوَطْءِ، فَمَتَى أجْمَعَ [المُظَاهِرُ] (١) على إمْسَاكِ التِّي تَظَاهَرَ مِنْهَا وإصَابَتِها فَقَدْ لَزِمَتْهُ الكَفارَةُ.

قالَ أبو المُطَرِّفِ: إنَّما لَزِمَ الرَّجُلُ الظِّهَارَ في أَمَتِهِ إذا قالَ لَهَا: (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) بِظَاهِرِ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}،


(١) ما بين المعقوفتين لم يكتب كاملا، وإنما كتب هكذا: (المظا).

<<  <  ج: ص:  >  >>