للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ في بَيع الحَيَوانِ والسَّلَفِ فِيهِ،

إلى آخِرِ باب النَّهِي عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ،

ومَهْرِ البًغِيِّ، وحُلْوَانِ الكَاهِنِ

* أَجَازَ أَهْلُ المَدِينَةِ أَنْ يُسْلَمَ للحَيْوَانِ بَعضُهُ في بَعضٍ إذا اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهُ، فأَمَّا الإبِلُ [فَهُيَ] (١) أَنْ تَخْتَلِفَ بالرُّحْلَةِ والحُمُولَةِ، نَحو جَمَلِ عَلَيٍّ المَعرُوفِ بِعُصَيْفِيرِ، وإنَّمَا قِيلَ لَهُ عُصَيْفِيرُ لِعِظَمِه، فَسُمّي بِضِدِّهِ، وكَذَلِكَ رَاحِلَةُ ابنِ عُمَرَ كَانَتْ مَغرُوفَةً بالحُمُولَةِ، فإذا اخْتَلَفَت الإبلُ هذا الإخْتِلاَفُ جَازَ أَنْ يُسْلِمَ بَعضَها في بَعْضٍ إلى أَجَل، وكَذَلِكَ البقرُ إذا اخْتَلَفتْ بالحرْثِ والقُوَّةِ جَازَ أَنْ يُسْلِمَ بَعضَها في بَعضٍ إلى أَجَلٍ، وإذا اخْتَلَفَتِ الخَيْلُ بالسُّرعَةِ والنَّجَابَةِ يُسْلِمُ بَعضَها في بَعضٍ بِصِفةٍ وأَجَلٍ، فإذا تَقَارَبَ الحَيَوانُ بَعضُهُ مِنْ بَعضٍ في الصّفَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْلِمَ بَعضَها في بَعضٍ.

* قالَ أَبو المُطَرّفِ: إذا بَاعَ الرَّجُلُ جَمَلاً بِجَمَلٍ وزِيَادَةِ دِراهم يَداً بِيَدٍ جَازَ ذَلِكَ، لأَنَّهُمَا سَلِمَا مِنَ الرِّبَا مَعَ المُنَاجَزَةِ، وكَذَلِكَ يَجُوزُ إذا تَعَجَّلَ الجَمَلاَنِ وتَأَخَّرتِ الدَّرَاهِمُ، لأَنَّهُمَا سَلِمَا مِنَ الرّبَا مَعَ المُنَاجَزَةِ في قَبْضِ الجَمَلَيْنِ، وأَمَّا إذا تأَخَّرَ أَحَدُ الجَمَلَيْنِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، قُبضَتِ الدَّرَاهِمُ أَو لَمْ تُقْبَضْ، ويَدخُلُهُ جَمَل نَقْداً بجَمَل إلى أَجَل وَزِياَدةِ دَرَاهِمَ، فَهًذا الرِّبا بِعَيْيهِ، وَهُوَ أَنْ يَنفَعَ شَيءٌ في مِثْلِهِ إلى أجَلٍ وَزِيادَةُ دَرَاهِمَ.

قالَ أَبو المُطَرّفِ: قَوْلُ ابنِ المُسَيَّبِ: (لا رِبَا في الحَيَوانِ)، يُرِيدُ: إذا بِيعَ بَعضُها بِبَعض إلى أَجَلٍ واخْتَلَفتِ بالرّحلَةِ والحُمُولَةِ والقُوَّةِ والحَرثِ


(١) جاء في الأصل: فهو، والصواب ما أثبته مراعاة للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>