للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قالَ أَحمَدُ: وذَهبَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ المَوْتَ والفَلَسَ سَوَاءٌ، وأنَّ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يَأْخُذَها في المَوْتِ، كَمَا يَأْخُذَها في الفَلَسِ، واحتَجَّ في ذَلِكَ بِمَا [رَوَاهُ] (١) ابنُ أَبي ذِئْبٍ، عَنْ أَبي المُعتَمِرِ، عَنْ عُمَرَ بنِ خَلْدَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ مَاتَ أَو أَفْلَسَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" (٢).

قالَ أَحمَدُ: ولَيْسَ يُعَارِضُ حَدِيثُ الزّهْرِيِّ بِحَدِيثِ أَبي المُعتَمِرِ الذي لم يَروِهِ إلَّا ابنُ أَبي ذَئْبٍ، وقالَ النَّسَائِيُّ أحمدُ بنُ شُعَيْبٍ: ابنُ أَبي ذِئْبٍ رَجُلٌ ضَعِيفٌ (٣).

قالَ أَحمَدُ بنُ خَالِدٍ: والمُفْلِسُ في النَّظَرِ يُفَارِقُ المَيِّتَ، لأَنَّ المُفْلِسَ تَبْقَى ذِمَّتُهُ لِسَائِرِ غُرَمَائِهِ، والمَيّتُ لا تَبْقَى لَهُ ذِمَّةٌ بعدَ مَوْتهِ، فَلِهذا افْتَرَقَ حُكْمَهُمَا في الحَيَاةِ والمَمَاتِ.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا اشْتَرَى المُفْلِسُ بُقْعَةً بِدَيْنٍ، ثُمَّ بَنَاها، فَطَلبَ رَبُّهَا ثَمَنَهَا، أَنَّها تُقَوَّمُ البُقْعَةُ، ويَقُوَّمُ البُنْيَانُ، والخِيَارُ في هذه المَسْأَلةِ للغُرَمَاءِ، إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَدفَعُوا إلى صَاحِبِ البُقْعَةِ ثَمَنَ بُقْعَتِهِ ويأْخُذُونَها لأَنْفُسِهِم كَانَ ذَلِكَ لَهُم، وإلَّا قُوّمَ البُنْيَانُ قَائِمَاً، فَيُعْرَفُ مَا قِيمَةُ الدَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ: مَا قِيمَةُ البُقْعَةِ بَرَاحَاً بِلا بِنَاءٍ؟ فَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ البُقْعَةِ قِيمَةُ بُقْعَتِهِ، ويَكُونُ للغُرَمَاءِ قِيمَةُ البُنْيَانِ، يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُم على قَدْرِ دِيُوبهِم، وإنَّمَا أَخَذَ صَاحِبُ البُقْعَةِ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لأَنَّهُ وَجَدَ سِلْعَتَهُ قَائِمَةً بِعَينها، فَكَانَ أَحَقَّ بِها مِنْ سَائِرِ الغُرَمَاءِ.

* * *


(١) جاء في الأصل: رواها، وهو خطأ لا يتناسب مع السياق.
(٢) رواه ابن ماجه (٢٣٦٠)، والشافعي في الأم ٣/ ١٩٩، والدارقطني في السنن (٢٩٠٠)، بإسنادهم إلى ابن أبي ذئب به.
(٣) لم أجد تضعيف النسائي لإبن أبي ذئب، وإنَّما وجدت أنه يوثقه، وهذا هو الصحيح، فإن ابن أبي ذئب أحد الأئمة المشهورين ممن أجمع على توثيقه، ينظر: تهذيب الكمال ٢٥/ ٦٣٠. وكان الأولى تضعيف الحديث بأبي المعتمر وهو رجل مجهول لا يعرف، بنظر: لسان الميزان ٧/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>