للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قالَ] عَبْدُ الرَّحمنِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَوْلَةُ ابنِ القَاسِمِ صَحِيحَةٌ، وذَلِكَ أَنَّ الوَلَدَ زِيَادَةٌ في الجَارِيةِ ونَمَاءٌ، وإنَّمَا نَمَتْ هَذِه الزِّيَادَةُ في حِصَّةِ رَبّ المَالِ مِنْ تِلْكَ الجَارِيةِ، فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ قِيمَةُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنَ الوَلَدِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا خَرَجَ العَامِلُ بالمَالِ إلى البَلَدِ القَرِيبِ واشْتَرَى بهِ السِّلَعَ كَانَتْ لَهُ النَّفَقَةُ، ولَيْسَتْ لَهُ كِسْوَةٌ، إلَّا أنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ في ذَلِكَ المَكَانِ القَرِيبِ، ويَكُونَ المَالُ كَثِيْرًا، فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ الكِسْوَةُ والنَّفَقَةُ.

قالَ: وإذا أَخَذَ العَامِلُ مَالًا قَلِيلًا وسَافرَ بِهِ سَفَرًا بَعِيدًا لَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ ولَا كُسْوَةٌ، لأَنَّ المَالَ يَذْهَبُ في ذَلِكَ، وإنَّمَا يُنْظَرُ في هَذا إلى المَالِ وقَدْرِ السَّفَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ على حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: ولَمْ يَحِدَّ لَنا مَالِكٌ في هَذا حَدًّا، ولَكِنْ تَكُونُ نَفَقَةُ العَامِلِ وكُسْوَتُهُ مِنْ مَالِ القِرَاضِ قَصْدًا.

قالَ: وإذا كَانَ المُقَارضُ إنَّمَا يَتَّجرُ بالمَالِ في بَلَدِه لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَقَة ولَا كُسْوَةٌ (١).

قالَ مَالِكٌ: وإذا اشْتَغَلَ بَعْضَ نَهَارِهِ في السُّوقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَغَدَّى مِنَ المَالِ بالأَفْلُسِ (٢).

* قالَ ابنُ القَاسِمِ: فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ غُرَمَاءِ العَامِلِ وبَيْنَ غُرَمَاءِ رَبِّ المَالِ إذا كَانَ عَلَيْهِمَا دَيْن، فقالَ في غُرَمَاءِ العَامِلِ مَا قَالَهُ في الموطأ [٢٥٨١]، وقال في غُرَمَاءِ رَبّ المَالِ: إنَّما يُنْظَرُ في العُرُوضِ التِّي بِيَدِ العَامِلِ، فإنْ كَانَ لِبَيْعِهَا اليومَ وَجْهٌ بِيعَتْ وأُعْطِي العَامِلُ رِبْحَهُ مِنْ ثَمَنِهَا، ثُمَّ قَضَى السُّلْطَانُ غُرَمَاءَ رَبِّ المَالِ دِيُونَهُمْ مِنْ رَأْسِ مَالِ رَبِّ المَالِ ورِبْحِهِ إنْ كَانَتْ دِيُونَهُمْ تَفْتَرِقُ ذَلِكَ، وإلَّا يُقَدّرُ دِيُونَهُمْ، ثُمَّ يَكْتُبُ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ بَرَاءَةً للعَامِلِ بِمَا حَكَمَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ على رَبِّ


(١) نقل قول ابن القاسم في مسألة خروج العامل بالمال: ابن مزين في تفسيره (٧٠).
(٢) ينظر: المدونة ٨/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>