للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَفْتَاهُمَا أَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ وَهُوَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ، يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ عَمُودَي البِئْرِ التِّي هِيَ بالجُحْفَةِ، بأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

* وقالَ عُمَرُ لِيعَلْى بنِ مُنَيَّةَ: (أُصْبُبْ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ لَهُ يَعْلَى: أترِيدُ أَنْ تَجْعَلَهَا بِي؟) يَعْنِي: أترِيدُ أنْ يُقَالَ: أَنَّ يَعْلَى بنَ مُنَيَّةَ كَانَ يَقُولُ: إنَّ الُمحْرِمَ [يَغْسِلُ] (١) رَأْسَهُ في غَيْرِ غُسْلِ الجَنَابَةِ، فقال له عمر: (أُصْبُبْ، فَلَنْ يَزِدْهُ الماءَ إلَّا شَعَثًا)، يَعْنِي: أَنَّ الشَّعَثَ مَأْمُور بهِ في الحَجِّ، فإذَا بَلَّ الشَّعْرُ بالمَاءِ وَلَمْ يَمْشَطُ شَعَثٌ عِنْدَ ذَلِكَ [١١٥٥].

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِتَرْكِ ابنِ عُمَرَ رَأْسِهِ فِي غَيْرِ غُسْلِ الجَنَابَةِ إذا كَانَ مُحْرِمًا [١١٥٧]، لأَنَّهُ مِنْ شَدَائِدِه على نَفْسِهِ، والغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مَأْمُور بهِ، وَمِثْلُهُ الغُسْلُ للوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَمَنْ تَرَكَهُمَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ.

* قالَ أَبو عُمَرَ: مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ قالَ: سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ يُرِيدُ: مَا يَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ في حَالِ إحْرَامِهِ، فقالَ: "لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، ولَا السَّرَاوِيلاَتِ"، وذَكَرَ الحَدِيثَ إلى آخِرِه [١١٦٠].

سَأَلْتَ أبا مُحَمَّدٍ عَنِ الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، [عَنْ عَمْروِ بنِ دِينَارٍ] (٢)، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإزَارَ، وَالخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ" (٣)، فقَالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: انَفْرَدَ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ بِهَذا الحَدِيثِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَهَذا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ ابنِ عَبَّاسٍ بالحِجَازِ، ولِهَذَا أَنْكَرَهُ مَالِكٌ، وجَابِرُ بنُ زيدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، ولَا يُعْرَفُ هَذا الحَدِيثُ بالمَدِينَةِ.


(١) في الأصل: (يسغل)، وهو خطأ ظاهر.
(٢) زيادة من مصادر تخريج الحديث.
(٣) رواه مسلم (١١٧٨)، وأبو داود (١٨٢٩)، والنسائي ٥/ ٣٣٢، بإسنادهم إلى حماد بن زيد به.

<<  <  ج: ص:  >  >>