للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَن انْصَرَفَ اليومَ الرَّابعِ مِنْ مِنَى إلى مَكَّةَ أنْ يَنْزِلَ بأَبْطَحِ مَكَّةَ، وَهُو الذي بِمَقْبَرَةِ مَكَّةَ فِي طَرِيقِ مِنَى، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ والعَصْرَ والمَغْرِبَ والعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَكَذَلِكَ فَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ انْصَرفَ مِنْ مِنَى إلى مَكَّةَ.

* وكَذَلِكَ اسْتَحَبَّ أَيْضَا مَالِكٌ لِمَنْ مَرَّ بِمُعَرَّس النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَنْزِلَ فِيهِ، وَهُو المُعَرَّسُ الذي فِيمَا بَيْنَ ذِي الحُلَيْفَةِ والمَدِينَةِ، فَيُصَلَي فِيهِ مَا بَدَا لَهُ، فإنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ جَمِيعَاً فَلَا شَيءَ عَلَيْهِ [١٥٢٠].

قَوْلُ مَالِكٍ: لَا يَبِتْ أَحَدٌ مِنَ الحَاجِّ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنَى بِمَكَّةَ، فإنْ فَعَلَ كَانَ عَلَيْهِ الهَدْيُ.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: رَخَّصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَمِّه العَبَّاسِ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ فِي المَبِيتِ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنَى مِنْ أَجْلِ السِّقَايةِ الَّتي كَانَ يَنْظُرُ فِيهَا، ويَقُومُ عَلَيْهَا، ويَسْقِي شَرَابَهَا الحَاجَّ أَيَّامِ المَوْسِمِ (١)، كَمَا رَخَّصَ لِرِعَاءِ الإبِلِ فِي المَبِيتِ عَنْ مِنَى لَيَالِي أَيَّامَ مِنَى مِنْ أَجْلِ ضرُورَتهِم وحَاجَتِهِم إلى رَعْي الإبِلِ، وخُرُوجِهِم بِهَا إلى المَرَاعِي الَّتي تَبْعُدُ عَنْ مِنَى، وأَمَّا مَنْ سِوَى هَؤُلاَءِ فَلَا يَبيتُوا لَيَالِيَ مِنَى إلَّا بِمِنَى، فإنْ بَاتَ أَحَدٌ مِنَ الحَاجِّ فِي غَيْرِ مِنَى لَيَالِي مِنَى كَانَ عَلَيْهِ الهَدْي.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا وَقَفَ عُمَرُ للدُّعَاءِ حِينَ رَمَى الجَمْرَةَ الأُولَى الَّتي تَأْتِي [قِبَلَ] (٢) مِنَى، فتَقَدَّمَ أَمَامَهَا، وذَكَرَ اللهَ، لأَنَّهُ مَوْضِع مِنْ مَوَاضِعِ الدُّعَاءِ، وكَذَلِكَ فَعَلَ عِنْدَ رَمْيهِ للجَمْرَةِ الوُسْطَى، ولَمْ يَقِفْ عِنْدَ جَمْرَةِ العَقَبةِ حِينَ رَمَاهَا، وَهَذِه السُّنَّةُ المَعْمُولُ بِهَا عِنْدَ رَمِي الجِمَارِ [١٥٢٧].

* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ حَصَى الجِمَارِ أكبَرَ مِنْ حَصَى الخَذْفِ قَلِيلاً [١٥٣٠]، لِكَيْ يَسْتكْمِلَ صِفَةَ الجِمَارِ الَّتي يُرْمَى بِها، إذْ قَدْ يُخْذَفُ


(١) ينظر: صحيح البخاري (١٥٥٣)، ومسلم (١٣١٤).
(٢) ما بين المعقوفتين لم يظهر في الأصل، وإنما استظهرتها بما يتناسب مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>