للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإبْتِدَاءُ بالسَّلاَمِ مَأْمُور بهِ، والرَّدُّ وَاجِبٌ، قالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]، يَعْنِي: إذا قِيلَ لَكَ: (السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ)، فَقُلْ: (وعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ)، فَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ بهِ، وإنْ قُلْتَ: (السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ) كَمَا قِيلَ لَكَ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ.

* قَوْلُ السَّائِلِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي"، يَعْنِي: إذا أَرَدْتُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا، فقَالَ لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ"، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ في المُرَاجَعَةِ، قَالَ لَهُ: "أتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُريَانَةً؟ قالَ: لَا"، فَلَا يَحِلُّ للإنْسَانِ أَنْ يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ إلى شَيءٍ مِنْ عَوْرَةِ أُمِّهِ ولَا غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَتِهِ، وَمُبَاحٌ للَرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَرَاهَا عُرْيَاتة وقَدْ يَغْتَسِلُ مَعَهَا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، ولَيْسَ يَنْبَغِي للعَبيِدِ والبَالِغِينَ مِنَ الأَحْرَارِ أنْ يَدْخُلُوا في الأَوْقَاتِ الثَّلاَثِ: بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، وفِيَ القَائِلَةِ، وبَعْدَ صَلَاةِ العِشَاءِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَأذِنُوا، لِئَلَّا يَطَلِعُوا عَلَى عَوْرَةٍ.

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: إنَّمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ إذا دَخَلَ بَيْتَاً لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، لأَمْرِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى بذَلِكَ، وذَلِكَ قَوْلهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ} [النور: ٦١]، فَيَقُولُ الإنْسَانُ عِنْدَ دُخُولهِ: (السَّلاَمُ عَلَيْنَا مِنْ رَبنا -جَلَّ وَعَزَّ- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَركَاتَهُ).

* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: لَمْ يَتَّهِمْ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أبا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ فِيمَا حَدَّثَهُ بهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَدِيثِ الاسْتِئْذَانِ، وإنَّمَا شَدَّدَ في ذَلِكَ عُمَرُ -رَحِمَهُ اللهُ- كَرَاهِيةَ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما لَمْ يَقُلْ.

وَسَمِعَ حَدِيثَ الاسْتئِذَانِ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ، وَسَمِعَهُ أَبو سعيد الخُدْرِيِّ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَحَدَّثَ بِهِ أَيْضَاً أَبو مُوسَى أبا سَعِيدٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: مَنْ سَلَّمَ في الإسْتِئْذَانِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَسْمَعْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>