للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدنى من ذلك, فتركُوه, ارجع إلى ربِّك فليُخفِّف عنك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا موسى قد والله استَحْيَيْتُ من ربِّي مما اخْتَلَفْتُ إليه. قال: فاهبِط باسْمِ الله, فاستَيْقَظَ وهو في المسجد الحرام.

قُلتُ: إنّما سردنا هذه القصة بطولها، ولم نختصر موضع الحاجة منها لبَشَاعَة ماوَقع فيها من الكلام الذي لا يَلِيقُ بصِفَة الله تعالى، ولا يَنبغي لِمُسلم أن يعتقدَه على ظاهِره, وهو قولُه: "وَدَنَا الجَبَّار ربُّ العِزّة فتدلَّى حتى كان قَابَ قَوسَين أو أدنى"، وذلك أنّ هذا يُوجب تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا إلى ما في التَّدَلِّي من التَّشبيه والتَّمثيل له بالشَّيء الذي يعَلُو من فوق إلى أسفل, فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا الفصل مقطوعا عن غيره ولم يعتبره بأول القصة/ وآخرها اشتبه عليه وجه الحديث ومعناه, وكان قُصَاراه إمّا رَدُّ الحديث على وَجهِه، وإمَّا حملُه على أسوأ مايكون من التأويل الذيهو عَين التَّشبيه, وكلاهما خَطّتان مرغوبٌ عنهما, وليس في هذا الكتاب حديثٌ أشنع ظاهرًا وأبشع مَذاقًا من هذا الحديث, فلأجل ذلك سَردتُه من أولِهِ إلى آخرِه لِيَعتَبر النَّاظرُ أوّله بآخره, فلا يَشْكِل عليه بإذن الله معناه, وذلك أنه قد ذكر في أول الحديث وآخره أنه رُؤيا أُريهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألَا تراه يقول في أول الحديث: جاءه ثلاثةُ نَفَر قَبَل أن يُوحَى إليه وهو نائمٌ في المسجد الحرام وبعض الرؤيا مَثَل يَضرَب لِيُتأوّل على الوجه الذي يجب أن يَصرَف إليه معنى التَّعبير

<<  <  ج: ص:  >  >>