للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجري في الإنسان حيث يجري فيه الدم، يعني في جميع عروقه وظواهره وبواطنه، هذا إذا كان معنى (مجرى الدم): مكانَ الدم، وأما إذا كان معناه المصدر، فيكون معناه: إن كيد الشيطان ووساوسه تجري في الإنسان جريانًا مثل جريان الدم فيه، يعني: كما يجري الدم في أعضاء الإنسان وليس له إحساسٌ بجريانه، فكذلك يجري وسواس الشيطان في أعضاء الإنسان، وليس له إحساسٌ وعلمٌ بذلك، وجريانُ الشيطان في الإنسان شيءٌ (١) أعطاه الله تعالى الشيطان لشيئين:

أحدهما: لجزائه على الطاعات التي كان عَمِلَها، فأعطاه أجر عمله في الدنيا بتحصيل مطلوبه، وهو وسوسة الإنسان.

والثاني: لإظهار رحمته وقدرته ومغفرته وغضبه بإدخال الشيطان ومَن يتبعه النار وإدخالِ مَن خالفه الجنة، وإظهارِ رحمته بأن يعفو ويغفر لمَن تبع الشيطان ثم تاب واستغفر الله

روت هذا الحديث أمُّ المؤمنين صفيةُ رضي الله عنها.

* * *

٥٠ - وقال: "ما مِنْ بني آدَمَ [مِنْ] مَوْلُودٍ إلَاّ يَمسُّهُ الشيطانُ حين يولد، فيَستهلُّ صارخًا من مسَّ الشيطانِ، غيرَ مريمَ وابنها"، رواه أبو هريرة.

قوله: "ما من بني آدم مولود" تقديره: ما مولود من بني آدم "يمسه الشيطان"؛ أي: يوسوسُه، ويوقعُ في صدره الغفلةَ وحبَّ الأشياء، وغيرَ ذلك مما يكون من اتِّباع الشيطان، ويريد أن يجعله مطيعًا منقادًا لنفسه، فيجد الطفل من تلك الوسوسة شيئًا لم يأنس به، ولم يكن معتادًا له قبل ذلك، فيتأذى منه


(١) في "ش": "شيء عظيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>