للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عامَ الحُدَيْبيَةِ في بِضْعَ عَشْرَةَ مئةً منْ أصحابهِ، فلما أَتَى ذا الحُلَيْفةِ قلَّدَ الهَدْي وأَشْعَرَه وأحرمَ منها بعُمرةٍ، وسارَ حتَّى إذا كانَ بالثَّنيَّةِ التى يُهبَطُ عليهمْ مِنها بَرَكَتْ به راحلتُه، فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ خَلأَتِ القَصْواءُ خلأَتِ القَصْواءُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلأتِ القَصْواءُ وما ذاكَ لها بخُلُقٍ، ولكنْ حَبَسَها حابسُ الفيلِ"، ثم قال: "والذى نَفْسي بيدِهِ لا يَسْألوني خُطَّةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أعْطَيْتُهم إيَّاها". ثمَّ زَجَرَها فوثَبتْ، فعَدَلَ عنهمْ حتَّى نَزَلَ بأقصَى الحُدَيْبيةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ يتَبَرَّضه النَّاسُ تَبرُّضًا، فلم يُلَبثْهُ الناسُ حتَّى نزَحوهُ وشُكِيَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - العَطَشُ، فانتَزَعَ سَهْمًا من كِنانتِهِ ثمّ أمرَهمْ أنْ يَجعلوهُ فِيهِ، فَوَالله ما زالَ يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صَدَروا عنهُ، فبَيْنما هُمْ كذلك إِذْ جاءَ بُدَيْلُ ابن وَرْقاءَ الخُزاعيُّ في نَفَرٍ مِنْ خُزاعةَ، ثم أتاه عُرْوةُ بن مسعودٍ وساقَ الحديثَ إلى أنْ قال: إذْ جاء سُهيلُ بن عَمْرٍو، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اكتُبْ هذا ما قاضى عليهِ مُحمدٌ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -". فقال سُهيلٌ: والله لو كنَّا نَعلمُ أنَّكَ رسولُ الله ما صَدَدْناكَ عن البيتِ ولا قاتَلْناك، ولكن اكتُبْ محمدُ بن عبْدِ الله، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "والله إنِّي لَرسولُ الله وإن كَذَّبتُموني، اكتُبْ محمدُ بن عبدِ الله". فقال: سُهيلٌ: وعلى أنْ لا يأْتِيكَ منَّا رجُلٌ وإنْ كانَ على دينِكَ إلَّا ردَدْتَهُ علينا. فلما فَرَغَ مِنْ قضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأصْحابهِ: "قوموا فانحَرُوا ثمَّ احْلقُوا". ثم جاء نِسوةٌ مؤْمِناتٌ، فأنزلَ الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ...} الآية. فنهاهُم الله - عز وجل - أنْ يَردُّوهُنَّ وأَمَرهُم أَنْ يَرُدُّوا الصَّداقَ. ثم رَجَعَ إلى المدينةِ فجاءَهُ أبو بَصيرٍ رجلٌ منْ قُرَيْشٍ وهو مُسلمٌ فأرسَلوا فى طَلَبهِ رَجُلَيْنِ، فدفعَهُ إلى الرَّجُلَين، فخَرجا بهِ حتَّى بَلَغا ذَا الحُلَيْفة نزلُوا يأكُلونَ منْ تمرٍ لهمْ، فقال أبو بَصيرٍ لأحدِ الرجُلَين: والله إنِّي لأَرى سَيفَكَ هذا يا فُلانُ جيدًا، فَأَرِني أنظُرْ إليهِ، فأَمْكَنَهُ منهُ، فضَرَبَهُ حتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>