للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"كالكُوز مُجَخِّيًا"، (مُجَخِّيًا): منصوب على الحال، ومعناه: المائل والمنكوس؛ يعني: كما أن الكُوز إذا نُكِسَ لا يبقى فيه ماء، فكذلك هذا القلب لا يبقى فيه خير إلا ما أُشْرِبَ من هواه.

يعني: لا يُعرف هذا القلب إلا ما قَبلَ مِنَ الاعتقادات الفاسدة، ومِنَ الشهوات النفسانية؛ يعني: يقبَلُ كلَّ شرٍّ.

* * *

٤١٤٣ - وقال حُذَيْفَةُ: حدَّثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَديثَيْنِ، رأَيتُ أَحَدَهُما، وأنا أَنتَظِرُ الآخرَ، حَدَّثنا أنَّ الأَمانةَ نَزلَتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجالِ، ثمَّ عَلِموا مِنَ القُرآنِ، ثمَّ عَلِموا مِنَ السُّنَّةِ. وحَدَّثَنا عنْ رفعِها قال: "يَنامُ الرَّجُلُ النَّوْمةَ فَتُقْبَضُ الأَمانةُ مِنْ قلبهِ، فيَظلُّ أثَرُها مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثمَّ يَنامُ النَّوْمةَ فتُقْبَضُ، فيَبقَى أثَرُها مِثْلَ أثَرِ المَجْلِ كجَمْرٍ دَحْرجتَهُ على رِجلِكَ فنَفِطَ، فتراهُ مُنْتَبرًا وليسَ فيهِ شيءٌ، ويُصْبحُ النَّاسُ يَتَبايَعونَ ولا يكادُ أَحَدٌ يُؤدِّي الأمانةَ، فيُقال: إنَّ في بني فُلانٍ رَجُلًا أمينًا، ويُقالُ للرَّجُلِ: ما أَعْقَلَهُ، وما أظرَفَهُ، وما أَجْلَدَهُ، وما في قَلْبهِ مِثقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيمانٍ".

قوله: "رأيتُ أحدَهما" أراد بـ (أحدهما): نزول الأمانة، وهي الإيمان ها هنا، وأراد حذيفةُ بالحديث الثاني: ارتفاعَ الأمانة، وهي الإيمان - أيضًا - وانتقاصه؛ يعني: لم أرَ انتقاصُ الإيمان وارتفاعَه، بل سيكون في عصرٍ آخر لا في عصر الصحابة - رضي الله عنهم -.

"في جَذْرِ قلوب الرجال"، (الجَذْرُ): الأصل، فتلفظ بـ (الرجال)، وأراد الرجال والنساء جميعًا.

"ثم عَلِمُوا من القرآن"؛ يعني: وضعَ الله تعالى بفضلِهِ نورَ الإيمان في قلوب المسلمين، ثم علموا بنور الإيمان حقيقةَ الدين، وعلموا أحكامَ الشرع من

<<  <  ج: ص:  >  >>