للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي عليه السلام.

قوله: "فلما أُخبروا بها كأنهم تقالُّوها"، الضمير في (تقالُّوها) يرجع إلى (العبادة)، و (التقالُّ): وجدان الشيء قليلاً، (تقالُّوها)؛ أي: وجدوا تلك العبادةَ قليلةً، وقد ظنوا أن وظائفَ رسولِ الله - عليه السلام - من العبادات كثيرةٌ.

قولهم: "أين نحن من النبي"؛ أي: بيننا وبين النبي بُعْدٌ بعيدٌ؛ لأنَّا مُذنِبون، وهو مغفورٌ ذنُوبه، وهو أعزُّ المخلوقات إلى الله تعالى، فإذا كان كذلك فلا يحتاج إلى عبادةٍ كثيرةٍ.

فإن لم يفعل عبادةً كثيرةً لم يكن له بذلك عيبٌ ونقصانٌ، لكنَا نحن مُذنِبون وليس لنا عند الله تعالى قَدْرٌ مِثْل قَدْرِه، فإذا كان كذلك نحتاج إلى عبادةٍ كثيرةٍ؛ فَلْيَزِدْ كلُّ واحدٍ منا على عبادة الرسول عبادةً كثيرةً، وقد حفظوا الأدبَ ولم يَعِيبوا رسولَ الله - عليه السلام - بقلة عبادته، بل أظهروا عذرَه ولاموا أنفسَهم في مقابلتِهم أنفسَهم بالنبي عليه السلام، وعلموا أن مقابلتَهم أنفسَهم بالنبي - عليه السلام - كان خطأ؛ فَلْيتعلَّمِ المُريدون والتلامذةُ مجالسةَ المشايخ والأستاذِين من هؤلاء، ولا ينبغي للمُريد أن ينظرَ إلى الشيخ بعين الاحتقار وإن رأى عبادتَه قليلةً، بل لِيُظهِرْ عذرَه وَلْيَلمْ نفسَه إن جرى في خاطره إنكارُ شيخه؛ لأن مَن اعتَرَضَ على شيخه لن يُفلِحَ.

واعلم أن قلةَ وظائف النبي - عليه السلام - من العبادات إنما كانت رحمةً على أُمته؛ لأنه لو عمل عباداتٍ كثيرةً تجتهد أُمته أن يعملوا مثلَ عمله، وحينئذٍ يلحقهم ضررٌ ومشقةٌ، فلأجل هذا لم يعمل عباداتٍ كثيرةً.

واعلم أنه اختُلف في قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>