للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بأمر الله تعالى، ويعودون إلى ما كانوا قبل الهلاك من الحال، كما أن الإنس والجن وغيرهم يُحشَرون.

والثالث: الإيمان بكتبه، وهو: أن يعتقد أن جميعَ ما أنزل على رسله من الكتب كلامُ الله القديم غيرُ مخلوق، وصار جميعُها منسوخًا بحكم الله تعالى إلَّا القرآن، فإنَّه مُحكَمٌ لا يُنسَخ إلى يوم القيامة؛ لأنَّه لا نبيَ بعد محمد عليه السلام.

ومن رأى كتابًا من كتب الله غير القرآن فلا يجوز أن ينظر إليه بالحقارة، فإن حقر منها شيئًا صار كافرًا، بل يجب إعزازها وإكرامها؛ لأنها كتب الله، ولكن لا يجوز العمل بها، فهل يجوز إتلافها أم لا؟ فانظر؛ إن كان لحربي، يجوز إتلافها عليه، كما يجوز إتلافُ سائر أمواله وقتلُ نفسه، وإن كان لذمي، لا يجوز إتلافه عليه، كما لا يجوز قتلُ الذمي ولا إتلافُ ماله؛ لأنَّ كتبهم مالٌ كما أن مصحف القرآن عندنا مالٌ؛ يباع ويشترى، وطريقُ إتلاف كتب الحربي بغسلها؛ لأنه ليس فيه تحقير، وأما التحريق بالنار فالأدبُ أن لا يُحرَّق، فإن حَرَّق لم يأثم في أصح القولين.

والرابع: الإيمان برسله، وهو: أن يعتقد أن جميع رسل الله مبعوثون إلى الخلق بالحق، والإيمانُ بهم واجب، وهم خير البشر، وأدنى الأنبياء خيرٌ من أكمل الأولياء.

وقولنا: (أدنى الأنبياء) أردنا به: أنَّ الأنبياء بينهم تفاوتٌ، فبعضُهُم أفضل من بعض، كما قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: ٢٥٣]، ولا يجوز لأحد أن يفضِّلَ نبيًا على نبي من تلقاء نفسه؛ لأن فضل أحد على أحد شيء لا يعلمه أحد إلا أن يُنبئَهُ الله تعالى في كلامه أو يبيَّنَهُ الرسول عليه السلام، فما وجدنا في القرآن والحديث من فضل نبي على نبي نقول به، وما لم نجده

<<  <  ج: ص:  >  >>