للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا السياق مختصر يعنى فيه بعض الحذف عن سياق الحديث المطول والمؤلف اجتزى بهذا.

ومن ناحية التفصيل والبحث:

قول - صلى الله عليه وسلم -: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي»: تقدم الكلام عليه وأن الاغتسال سنة، وقد روى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عمر «من السنة أن يغتسل المحرم».

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ» (١) وفي بعض الألفاظ: «تلجمي» (٢) والتلجّم هو التحفظ، وهذا الاغتسال ليس لرفع الحدث وإنما هو للنظافة، وإن كان يتعبد به فيجمع التعبد مع النظافة.

وقوله: «لَبَّيْكَ» التلبية بمعنى الإجابة، وأيضًا تأبي بمعنى الإقامة؛ لأنها مِنْ (ألب بالمكان) أي: أقام به، ومِنْ (لبى الشخص) أي: أجاب نداءه، وثنيت «لَبَّيْكَ» ليس للتثنية بل لمطلق التكرار، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: ٤] ليس معنى كرتين أنه تثنية كرة بل لمطلق التكرار، والإنسان في كل طاعة هو ملبي، وإن كان الحج اختص بهذا اللفظ.

وقوله: «اللهُمَّ» يعني يا الله و «لَبَّيْكَ» تأكيدًا ثم قال: «لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ» هذا تأكيد آخر.


(١) قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على صحيح مسلم: (واستثفري) الاستثفار: هو أن تشد في وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها، ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها.
(٢) هذا اللفظ في جامع الترمذي (١٨٢).
قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجه: (تلجمي) أي: اجعلي ثوبا كاللجام للفرس، أي: اربطي موضع الدم بالثوب.

<<  <   >  >>