للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسين وخمسمائة.

وقال محمد بن عبد الرحمن المقرئ أبو الفرج في أول كتابه «الأربعين في الجهاد والمجاهدين»: أخبرنا الشيخ الأجل الصالح الثقة المسند شيخ الوقت أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي الصوفي الهروي رضي الله عنه قدم علينا بغداد قراءة عليه وأنا أسمع بمدرسة الشيخ أبي النجيب السهروردي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة (١).

وقال ابن الجوزي: كان صبورًا على القراءة، وكان صالحًا، كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف، وعزم عام موته على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه، فمات (٢).

وقال يوسف بن أحمد الشيرازي في «أربعين البلدان» له: لما رحلت إلى شيخنا رُحلة الدنيا ومسنِد العصر أبي الوَقْت، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان، فسلمت عليه، وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك، وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي، لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك.

فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي، لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاء طويلا، وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا، يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضا لسماع «الصحيح» ماشيًا مع والدي من هراة إلى الدّاوُدِيّ ببوشنج ولي دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين، ويقول: احملهما.

فكنت من خوفه أحفظهما بيدي وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجرا واحدا، فألقي، ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟ فأخافه، وأقول: لا.

فيقول: لم تقصر في المشي؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ


(١) «الأربعين في الجهاد والمجاهدين» ص: ٢١.
(٢) «المنتظم» ١٠/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>