للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويزداد الأمر تأكيدًا في الأحاديث والمرويات التي تتغير بتغير الشكل أو الإعراب.

ولذا يقول الخطيب البغدادي: ويُروى عن بعض من كان يذهب إلى وجوب اتباع اللفظ أنه كان لا يحدث إلا لمن يكتب عنه، ويكره أن يحفظ عنه حديثه خوفًا من الوهم عليه والغلط فيه حال روايته (١).

٤ - حفظ الحديث:

ومن تمام عناية المحدثين بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحافظتهم على لفظه ومعناه تأكيدهم على ضرورة حفظه بعد كتابته في أصل المحدث.

فالحفظ وسيلة أخرى إضافة إلى الكتابة تعمل على تذكير الراوي باللفظ الذي سمعه من شيخه حتى لا يقع فيه التبديل والتغيير أو التصحيف والتحريف.

لقد ابتلي بعض المحدثين بورّاقين أدخلوا عليهم في كتبهم ما ليس منها.

قال أشهب: وسئل مالك أيؤخذ ممن لا يحفظ، وهو ثقة صحيح، أيؤخذ عنه الأحاديث؟ فقال: لا يؤخذ منه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل.

وقال هشيم: من لم يحفظ الحديث فليس هو من أصحاب الحديث، يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل مكاتب (٢).

ولقد كان لحفظ الحديث أهمية كبيرة عند المحدثين، واتخذوا لتحقيق ذلك عدة وسائل منها: المذاكرة، ولهم في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة:

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسمع منه


(١) «الجامع» ٢/ ٧٥.
(٢) أخرجه وما قبله الخطيب في «الكفاية» ص: ٢٣٧، ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>