للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبصرة ثم انتقل إلى مصر.

خرج من مصر يريد إفريقية بنية التجارة، فقصد القيروان واستقر بها، فشاع في الأوساط ذكره وانتشر خبر علمه وفضله، فأقبل العلماء والطلاب عليه.

وقد بلغ في صيته أن قربه الأمير إبراهيم بن الأغلب لأول ولايته على إفريقية من نفسه وألحقه بخواص جلاسه ومستشاريه.

واتخذه عمران بن مجالد الربعي، الثائر على إبراهيم بن الأغلب، سفيرا وشفيعا للحصول على العفو منه، والأمان لنفسه ولولده وأهله وماله.

قيل: إنه ما سمع شيئا قط إلا حفظه حتى إنه كان إذا مر بمن يتغنى من أهل الملاهي يسد أذنيه لئلا يسمعه فيحفظه.

روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري عن الحسن بن دينار وغيره وله اختيار في القراءة من طريق الآثار.

وروى عن حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسعيد بن أبي عروبة وغيره.

كان يقول: أحصيت بقلبي من لقيت من العلماء فعددت ثلاثمائة وثلاثة وستين عالما سوى التابعين وهم أربعة وعشرون وامرأة تحدث عن عائشة رضي الله عنها.

روى عنه جماعة بالمشرق والمغرب وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب، ومثله من الأئمة

كان يقول: كل من رويت عنه العلم روى عني إلا القليل منهم.

وقال: روى عني من العلماء: مالك والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة

وقال: كتب عني مالك بن أنس ثمانية عشر حديثا.

وقد رماه بعضهم بالإرجاء (١) ولا يثبت عنه:

عن عون بن يوسف قال: كنت عند عبد الله بن وهب وهو يقرأ عليه فمر حديث ليحيى بن السلام فقال: امحه فقال عون: فقلت له: لم تمحوه أصلحك الله؟ فقال: بلغني أنه يقول بالإرجاء فقلت له: فأنا كشفته عن ذلك فقال لي: أنت؟ فقلت له: نعم فقال لي: فما قال لك؟ قال: قلت له فقال: معاذ الله أن يكون هذا رأيي أو أدين الله به ولكن أحاديث


(١) الإرجاء هو: القول بأن الأعمال لاتدخل في مسمى الإيمان وإنما الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان فقط وعليه فإن الإيمان لايزيد ولاينقص ولايتفاوت الناس فيه. وغلاة المرجئة يقولون: لايضر مع الإيمان ذنب كما لاينفع مع الكفر طاعة، ويذهب أهل السنة والجماعة أنه الإيمان قول واعتقاد وعمل وأنه يزيد وينقص ويتفاضل فيه الناس حسب أعمالهم. (انظر شرح أصول الاعتقاد ٢/ ٨٣٠، شرح العقيدة الطحاوية ٣١٣ - ٣٣٥ - ٢٩٥ - ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>