للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين ... ولذا لم تذكر المصادر شيئًا من هذا الجانب التعليمي، الذي كان يقوم به الصحابة في البلاد المفتوحة. فقام بهذه المهمة التعليمية الدينية، التابعون الذين أتوا إلى إفريقية منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري، ومنهم أبو عبد الرحمن ابن رباح اللخمي، سكن القيروان وبنى بها دارًا ومسجدًا وانتفع به أهلها (١). وأبو رشيد حنش بن عبد الله الصنعاني الذي سكن القيروان ومات بها (٢)، كما سكن القيروان أيضًا أبو سعيد كيسان المقبري (٣).

وهكذا دخل إفريقية جماعة من التابعين، وسكنوا القيروان وعلموا أبناءها الحلال والحرام، وكانت العلوم الدينية في هذه العصور تستمد من مصدرين رئيسين هما القرآن والسنة، وقد كان الطلبة يتلقون عنهم: القراءات والتفسير، وعلوم القرآن، وكل مايتعلق بآيات الأحكام.

والملاحظ أن هؤلاء التابعين أخذوا عن كبار الصحابة الذين اشتهروا خاصة بالتفسير كابن عباس، مما سيدعم مدرسته في التفسير (٤) بالقيروان والتي أسسها عكرمة في نهاية القرن الأول وفجر القرن الثاني، وكان مجلس عكرمة في مؤخر جامع القيروان في غربي المنارة الموضع الذي يسمى بالركيبية (٥) وقد دخل عكرمة القيروان لا للغزو وإنما لنشر العلم بها (٦)، وهو من أبرز تلاميذ ابن عباس (٧) في التفسير وأعلمهم به (٨)، وقد حل بالقيروان في أواخر أيامه وهو في منتهي نضجه


(١) انظر رياض النفوس ١/ ٧٧.
(٢) نفس المصدر١/ ٧٨.
(٣) نفس المصدر ١/ ٨٠.
(٤) وقد أشار ابن تيمية إلى أهمية هذه المدرسة بقوله: وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس. الفتاوى ١٣/ ٣٤٧.
(٥) طبقات علماء إفريقية وتونس ١/ ٩٢.
(٦) المصدر السابق.
(٧) ذكر ابن سعد أن ابن عباس كان يضع في رجل عكرمة قيدًا ولا يفكه منه حتى يتم أخذ تفسيره. الطبقات الكبرى ٢/ ١٨٢، وقد ذكرت في ترجمة عكرمة شهادات كثيرة تثبت مكانة عكرمة في التفسير، ولا عجب فإن ملازمة طلبة القيروان له وتحلقهم حوله لنقل مروياته عن ابن عباس كان له الأثر في تطور التفسير بإفريقية واعتماد المؤلفين فيه على هذه المدرسة خاصة.
(٨) طبقات علماء إفريقية وتونس ١/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>