للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلمي، فالتف حوله كثير من طلبة العلم وأخذوا عنه مارواه عن شيخه من تفسيره وبهذا يكون عكرمة واضع أسس مدرسة ابن عباس في التفسير المعتمدة على الأثر واللغة، مما سيؤثر على اتجاه التفسير بالمنطقة.

وعليه فإن مدرسة التفسير بالمأثور قامت أساسا على علم ابن عباس، عن طريقه شخصيا، ثم عن طريق عكرمة تلميذه النجيب ومولاه البربري الأصل، وقامت أيضا على المدرستين الأخريين من مدارس التفسير بالمأثور في ذلك الحين أعني مدرستي المدينة والعراق بدرجة أقل، فقد انتقل علم مدرسة التفسير بالمدينة، عن طريق تلاميذ الإمام مالك الذين نقلوا تفسيره المروي عن زيد بن أسلم وغيره، وعن طريق وكيع الذي أخرج روايات من تفسير أبي بن كعب، وانتقل علم مدرسة العراق عن طريق الأعمش وسفيان الثوري، كما وصلهم التفسير عن علي ابن أبي طالب، عن طريق رواية ابن عيينة عنه في تفسيره، وسوف يأتي في حديثنا عن الرحلة إلى المشرق ومنه إلى المنطقة مايتصل بذلك.

كما أنه قد أسهم في إرساء قواعد مدرسة التفسير بالمأثور تشرف المنطقة بدخول علماء من الصحابة عرفوا بتضلعهم في التفسير أمثال عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، وتردد بعضهم عليها، وكان لهذا التردد أثر كبير في نشر العلم، وذلك لأن هؤلاء قد عرفوا البلاد وطبائع أهلها، فهم أقدر على معرفة مداخلها وأصلح الطرق لنشر العلم بها، ولاشك أنه قد أصبح لهم بها أصحاب وتلاميذ.

ولعل أقدم نص يشير إلى تعليم القرآن بالمنطقة مارواه غياث بن أبي شبيب قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان فيسلم علينا بالكتاب (١)، وكان وجود سفيان بالقيروان بين سنوات (٦٠ هـ و٧٨ هـ) (٢).

ويستفاد من هذا الخبر أن تعليم القرآن قد شاع بها بعد تأسيس القيروان وأن بعض

الكتاتيب قد برزت في الأحياء الرئيسية منها، كما


(١) معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان ١/ ١٥١. المصدر السابق ١/ ٥٩.
(٢) المعالم ١/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>