للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطرق التي انتشر بها علم التفسير في المنطقة]

تم نشر العلوم الإسلامية في المنطقة في تلك الفترة وعلى وجه الخصوص التفسير الذي نحن بصدد الحديث عنه عن طريق:

١ - المساجد: وكان الحظ الأوفر في ذلك من نصيب جامع عقبة، الذي بدأ التدريس فيه على عهد الصحابة بعد تأسيسه مباشرة في غزوة عقبة الأولى، التي استمرت لمدة خمس سنوات كاملة (٥٠ هـ - ٥٥ هـ) كان أهم عمل للمسلمين فيها هو اختطاط المدينة، ولم تقع أثناءها غزوات كبيرة تتطلب غيابًا طويلاً عن القيروان، وقد سكن الناس واستقروا، وذلك يستلزم أن الصحابة الثمانية عشر الذين كانوا مع عقبة، قد جلسوا في الجامع لنشر علوم الكتاب والسنة، وتعليم مبادئ الإسلام لمن أسلم من البربر.

أما بعد غزوة عقبة الثانية، سنة ٦٢ هـ، فقد ورد أن عقبة أوصى أولاده - والمسلمين من ورائهم باعتباره قائد الجيش - بعدم رواية الحديث إلا عن الثقات، وعدم كتابة ما يشغلهم عن القرآن، وخير مكان يقع فيه ذلك هو المسجد الجامع، وقد شهدت القيروان نوعًا من الاستقرار، بعد أن مضى على بداية تأسيسها قرابة اثني عشر عامًا، وسكنها الناس وبدءوا يعيشون حياة طبيعية. ومن لوازم ذلك أن الصحابة الذين كانوا موجودين آنذاك وهم خمسة وعشرون رجلاً، قد جلسوا في جامع القيروان لنشر العلم وتوجيه المسلمين الجدد.

أما في عهد التابعين فقد زادت الرسالة العلمية للمسجد الجامع واتسعت عن ذي قبل، فكان حافلاً بالمجالس العلمية، لوفرة من كان بالقيروان من التابعين واهتمامهم بالرواية. وقد ثبت أن عكرمة مولى بن عباس لم يدخل إفريقية غازيًا، وإنما دخلها لنشر العلم، وكان مجلسه في مؤخرة الجامع كما ذكرنا آنفا، وكانت الحلقة فيه مكتظة من سائر أنحاء إفريقية والمغرب والأندلس، وحتى من السودان الغربي، على نمط ما نعرفه في الجامع الأزهر بالقاهرة، وجامع الزيتونة بتونس والقرويين بفاس. (١)

٢ - قصور الرباط: وهي الحصون التي تنشأ قريبًا من السواحل غالبًا،


(١) انظر مدرسة الحديث في القيروان ١/ ١٣٣ - ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>