للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتخذ لمراقبة العدو القادم من البحر، وقد بدأ إنشاؤها من منتصف القرن الثاني للهجرة على يد بعض ولاة الدولة العباسية بإفريقية، منهم هرثمة بن أعين الذي بنى قصر رباط المنستير سنة ١٨٠ هـ، ثم تكاثرت وشاعت على يد أمراء الدولة الأغلبية، بحيث إن الإشارات الضوئية التي كانت تستعمل للإنذار بالخطر بين هذه المراكز، كانت تصل من سبتة بالمغرب إلى الإسكندرية في ليلة واحدة. (١)

وكانت هذه الربط من جملة مواضع التعليم بإفريقية ويسكنها مقيمون رسميون من العلماء والعباد، كما يتناوب الحراسة بها أهل القيروان وغيرهم، وكان العلماء كثيرًا ما يقصدونها وخاصة في شهر رمضان حيث يعتكفون ويعلّمون الناس. ويعتبر (الفرد بل) أن الرباط كان له نفس دور المسجد في نشر الإسلام. وقد كانوا يسمون قصر زياد دار مالك لكثرة ما فيه من العلماء، وما يعقد فيه من المجالس العلمية، وقد اجتمع فيه أربعة عشر رجلاً من أصحاب سحنون، كما اجتمع في قصر ابن الجعد بالمنستير قبل تمامه ثمانية وأربعون حافظا للقرآن. (٢)

٣ - دور العلماء: ومنهم محمد بن يحيى بن سلام المفسر (ت ٢٦٢ هـ) الذي كانت في داره حلقة كبيرة أعجب بها الحافظ أبو العرب التميمي، وكانت سببا في إقباله على طلب العلم. (٣)

ومحمد بن محمد أبو بكر ابن اللباد المفسر (ت ٣٣٣ هـ) شيخ السنة بالقيروان عندما سجن ثم أطلق ومنع الفتوى والإسماع واجتماع الطلبة عليه، كان الطلبة يجتمعون إليه في بيته سرًا، وربما وضعوا الكتب في أوساطهم حتى تبتل بالعرق خوفًا من أبي عبيد (٤).

وكانت حلقة ربيع القطان المفسر (ت ٣٣٤ هـ) في منزله حافلة بالطلبة في ذلك العهد أيضا (٥).

كما كان عيسى بن مسكين يحدث بكتب ابن وهب صاحب التفسير في منزله (٦).


(١) انظر البيان المغرب ١/ ٨٩، تاريخ ابن خلدون ٤/ ٤١٧، أعلام الفكر الإسلامي ١٧.
(٢) انظر الرياض ٢/ ١١٧، الفرق الإسلامية ١٠٠، مدرسة الحديث ١/ ١٥٤، ١٥٥.
(٣) انظر مدرسة الحديث ١/ ١٦٠.
(٤) المعالم ٣/ ٢٥.
(٥) الرياض ٢/ ٣٢٦.
(٦) انظر الرياض ١/ ٣٦٥، المدارك ٣/ ٣٣٥، المكتبة الأثرية ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>