للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يعد إمام الناس في النحو وكبيرهم في اللغة) (١) قيل: إنه فاق المبرد وثعلبا وابن النحاس المصري في هذا المجال وآخذ الشافعي في تفسيره لقوله عز وجل {ذلك أدنى أن لاتعولوا} (٢) وخطأه في فهم معنى الآية إذ فسرها بقوله: أن لا يكثر عيالكم. فقال: أخطأ، يقال: عال يعيل: إذا افتقر، وأعال: إذا كثر عياله، وعال يعول عولا: إذا زاد، ومنه عالت الفريضة، وعالني الشيء يعولني: إذا أثقلني، ومنه قول الخنساء:

ويكفي العشيرة ماعالها

ويقال: عال يعيل عولاً، إذا تبختر، ... فذكر كلاما فيما يشبهه من أفعال (٣).

وهذا التوسع في ذكر مشتقات فعل (عال) وإيراد مختلف الأفعال المشابهة لدليل على عمق معرفة هذا العالم الإفريقي بلغة القرآن.

ويبدو أن لحركة الاعتزال (٤) تأثيرًا كبيرًا في توجيه التفسير نحو الوجهة


(١) نفس المصدر ص: ٢٦٩.
(٢) النساء آية ٥.
(٣) نفس المصدر ص: ٢٧١. وانظر رد أبي بكر الجصاص على الشافعي في تفسيره هذه الآية في أحكام القرآن ٢/ ٦٩، وعلل الفخر الرازي تفسير الشافعي لهذه الآية حيث ذكر أن طاووسا كان يقرأ: ذلك أدنى أن لاتعيلوا. وهو تفسير الآية. انظر التفسير واتجاهاته ص: ٢٠.
(٤) المعتزلة: من الفرق الزائغة تعود نشأتهم إلى الخلاف الواقع بين واصل بن عطاء ت ١٣١ هـ والحسن البصري ت ١١٠ هـ حول مرتكب الكبيرة فقال واصل: هو في منزلة بين المنزلتين واعتزل مجلس الحسن. ولهم أصول خمسة: العدل، التوحيد، الوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويعنون بالعدل: أن الله لم يخلق الشر وأنه لاقدر وأن كل عبد يخلق أفعاله.
ويعنون بالتوحيد: الاعتماد على العقل في الأصول وأن الدلائل السمعية معه في ذلك بمنزلة الشهود الزائدين على النصاب ونفي الصفات والقول بخلق القرآن ونفي رؤية الله في الآخرة
ويعنون بالوعيد: وجوب إنفاذ ماأوعد الله به عبيده فلايعفو عمن يشاء ولايغفر لمن يريد
يعنون بالمنزلة بين المنزلتين: أن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنا ولاكافرا وإنما في منزلة بينهما فهو قد خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر
ويعنون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إلزام غيرهم بمذهبهم والخروج على الإمام الجائر بالسيف.
وكان مبعوث واصل إلى إفريقية هو عبد الله بن الحارث (انظر الفرق بين الفرق ٩٣ - ١٦٩، شرح العقيدة الطحاوية ٥٢٨، التفسير والمفسرون ١/ ٣٦٨، المدخل الصغير إلى علوم القرآن والحديث والعقيدة والتفسير ص: ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>