للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعزى ذلك للانتماء إلى مذهب أهل المدينة في الفقه والارتباط الشديد بها منذ العهود الأولى والرحلة منها وإليها.

وقد كان محمد بن برغوث القروي (ت ٢٧٢ هـ) يدرس مختلف القراءات في جامع عقبة، ويتوسع في ذلك فأمره القاضي عبد الله بن أحمد بن طالب (ت ٢٧٥ هـ) بالاقتصار على قراءة نافع. (١)

ولقد حفلت المنطقة بأئمة كبار من أئمة القراءات بل إن بعضهم كان المعول الذي عول عليه في هذا الفن سواء في المشرق أم في المغرب - وأعني بذلك أبناء المنطقة والداخلين إليها - والذي يعنينا هنا المفسرون منهم ونذكر على سبيل المثال: الإمام أحمد بن عمار المهدوي المولود بالمهدية ت ٤٣١ هـ صاحب الهداية والكفاية وغيرهما من كتب القراءات، والإمام مكي بن أبي طالب القيسي المولود بالقيروان ت ٤٣٧ هـ صاحب المصنفات العظيمة في هذا العلم، ثم أبو عمرو الداني المولود بقرطبة ت ٤٤٤ هـ صاحب التيسير الكتاب الذي يعتبر عمدة القراء من بعده، ثم الإمام الشاطبي المولود بشاطبة ت ٥٣٨ هـ صاحب الشاطبية التي طار ذكرها في الآفاق. (٢)

وأهمية القراءات ودورها في التفسير من الأمور المعلومة لدى المشتغلين بالقرآن وعلومه وقد اعتبر أهل العلم الإلمام بعلم القراءات من شروط المفسر الذي ينبري لتفسير كتاب الله وسير أغواره. (٣)

وقال السيوطي: باختلاف القراءات يظهر الاختلاف في الأحكام ... (٤)

وقال أيضا: وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض. (٥)

وقد ذكر ابن الجزري ومن بعده السيوطي - وكلاهما قد دخل منطقتنا - فوائد


(١) القراءات بإفريقية ٢٨١.
(٢) وقد وصل الأمر بالبعض أن لا يثبت قرءانا إلا ما كان في الشاطبية والتيسير مما حدا بابن الجزري إلى تأليف كتابه النشر في القراءات العشر. (انظر المقدمة ١/ ٥٤) ووصل الغلو في الشاطبية إلى أن قيل فيها كل بيت دخلته فصاحبه من أهل الجنة.
(٣) انظر الإتقان ٢/ ٢٣١، التفسير والمفسرون ١/ ٢٦٧.
(٤) الإتقان ١/ ١٠٨.
(٥) الإتقان ٢/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>