للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختياراته في القراءة بما يقتضي أن له رواية، أو طريقا، لا يبعد أن تكون راجعة إلى قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري، لأن يحيى بن سلام بصري النشأة. (١)

ويؤيد كلامه هذا ما جاء في تفسير يحيى لقوله تبارك وتعالى {أن لهم النار وأنهم مُفْرَطون} (٢) حيث قال: معجلون إلى النار ... وبعضهم يقرأ هذا الحرف {وأنهم مُفَرِّطون} يعني أنهم مفرّطون: قولهم: {يا حسرتنا على ما فَرّطنا فيها} (٣)، ثم قال: وكذلك قرأتها عند أبي عمرو.

وقد كان له مصحف معتمد رجح البعض أنه مصحف البصرة (٤) ظهر ذلك عند تفسيره لقوله تعالى {الزانية والزاني} (٥) حيث قال يحيى: وأما الرجم فهو في مصحف أبي بن كعب وفي مصحفنا. (٦)

وكثيرًا ما يشير يحيى في تفسيره إلى أوجه القراءة المختلفة، غير أنه لا يصرح بأسماء أصحاب تلك القراءات إلا قليلا، ولا غرابة في ذلك، فقد ذكر ابن الجزري أنه روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري ومنهم الحسن بن دينار وغيره. وقال: وله اختيار في القراءة من طريق الآثار. (٧) ومن نماذج ذلك ما يلي:

قوله {ولهم عذاب أليم بما


(١) التفسير ورجاله ص: ٢٧.
(٢) النحل: ٦٢.
(٣) الأنعام: ٣١.
(٤) انظر القراءات بإفريقية ص: ١٧٦.
(٥) النور: ٢.
(٦) ق: ٤٩.
(٧) غاية النهاية ٢/ ٣٧٣ ورواية الحروف لم أقف على من حد لها حدا ولكنها غير عرض القراءات قطعا، وربما يتضح معناها مما ذكره ابن الجزري في ترجمة يحيى بن سعيد الكوفي حيث قال: قال يوسف القطان: قلت لجرير بن عبد الحميد كيف أخذتم هذه الحروف عن الأعمش؟ قال: إذا كان شهر رمضان جاء أبو حيان التميمي وحمزة الزيات مع كل واحد منهما مصحف فيمسكان على الأعمش المصحف ويقرأ ويجتمع الناس ويسمعون قراءته فأخذنا الحروف من قراءته. غاية النهاية ٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣
وقال القاري: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تلقى أحرف القرآن السبعة ... ثم علق قائلا: الحرف لغة الوجه ومعناه هنا وجه القراءة وعند الصحابة كانوا يستعملون هذا الاصطلاح مرادفا للقراءة فقول عمر بن الخطاب: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة، أي على قراءات كثيرة، ويقولون: حرف زيد وحرف أبي وحرف ابن مسعود، كل ذلك معناه القراءة التي يرويها هؤلاء، فالنسبة إليهم كنسبة الحديث النبوي إلى راويه. سنن القراء ومناهج المجودين ص: ٣٢.
وتعبير روى الحروف ونحوه متكرر عند ابن الجزري بكثرة في غايته انظر أمثلة لذلك ٢/ ٣٦، ١٠٦، ١٠٨، ١٦٨، ٢٦١، ٢٧٤ ويلاحظ أن هذا التعبير غالبا مايكون في المتقدمين قبل تسبيع السبعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>