للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيا وابن مسعود قرءا اهبطوا مصر، بغير صرف معرفة، وأن بعضهم يقول بأنها الشام، وروى أشهب عن مالك أنها بلاده مصر.

وختم مكي هذه الروايات بقوله: في رأيي هي بلاد فرعون (١).

وفي شرح مشكل الغريب يستشهد مكي بأقوال الصحابة الكرام والتابعين وتابعيهم من المفسرين مع توسط في هذا الأمر وعدم الإكثار منه، ومن الشواهد على ذلك قوله في تفسير أول سورة البقرة {الم} وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: الألف الله، واللام جبريل، والميم محمد، روى ذلك عنه عطاء والضحاك قال: وكل ما ذكرنا من تفسير أوائل السور عن ابن عباس فهو مما رواه عنه عطاء والضحاك. (٢)

[سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات]

يتعرض مكي لذكر بعض حوادث السيرة أثناء تفسيره ومن ذلك قوله في قراءة {وكأين من نبي قتل معه ربيون} (٣) بعد أن ذكر عدة أوجه في توجيهها:

والأول أحسن لأن كعب بن مالك قال: أول من عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقتل يوم أحد، أنا، رأيت عينه من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي: هذا رسول الله. فأومأ إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اسكت، وكان قد صاح الشيطان يوم أحد: قتل محمد فانهزم المسلمون خلا قليل منهم.

وهناك مواضع أطال فيها جدًا في ذكر أحداث السيرة ومن ذلك ماذكره تحت قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} (٤) حيث ذكر تفاصيل غزوة الحديبية وقصة البيعة وقصة أبي جندل ثم ذكر المعجزات التي حصلت على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الغزوة.

وتحت قوله تعالى {لتجدن أشد الناس عداوة} (٥) ذكر قصة جعفر مع النجاشي بطولها من حديث ابن عباس وأم سلمة والسدي وغيرهم.

ولذا قال فرحات عن مكي: ... فهو لايترك فرصة تمر دون أن يعلق على الآيات التي تتصل بالسيرة، ويشرح تفاصيل حوادثها ويستنتج منها العبر،


(١) الهداية ١/ ٣١.
(٢) تفسير المشكل ص: ٨٥.
(٣) آل عمران: ١٤٦.
(٤) الفتح: ١.
(٥) المائدة: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>