للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يجعل كتابه غنيًا بالنصوص التاريخية التي توضح النص القرآني في نفس الوقت الذي تعطي فيه قارئها ثقافة لا بأس بها في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

[سابعا: موقفه من الإسرائيليات]

لقد ذكر مكي في تفسيره كثيرًا من الإسرائيليات نظرًا لاهتمامه بالجانب الأثري ومن ذلك ماساقه من روايات كثيرة تحت قوله تعالى {واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان ... .} (٢) ومنها قوله: وروي عن ابن عباس في قصة الملكين: أن الله تعالى أطلع الملائكة على أعمال بني آدم، فقالوا: يا رب هؤلاء بنو آدم الذي خلقته بيدك وأسجدت له ملائكتك، وعلمته أسماء كل شيء؛ يعملون بالخطايا؟ فقال الرب تعالى لهم: أما إنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم، قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا ذلك. فأمروا أن يختاروا ملكين ليهبطا إلى الأرض فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض، وأحل لهم كل شيء إلا الشرك والسرقة والزنا وشرب الخمر وقتل النفس. قال: فما استقرا حتى عرض لهما بامرأة قد قسم لها نصف الحسن فلما أبصراها تعرضا لها قالت: لا، إلا أن تكفرا بالله وتشربا الخمر، وتقتلا النفس، وتسجدا لهذا الصنم، قالا: ما كنا لنشرك بالله شيئا، فقال أحدهما للآخر: ارجع إليها فقالت لا، إلا أن تشربا الخمر. فشربا الخمر، فشربا حتى ثملا، فدخل عليهما سائل فقتلاه فلما وقعا فيما وقعا من الشر أفرج الله لملائكة السماء لينظروا إليهما فقالوا: سبحانك إنك أنت أعلم، فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

ونكتفي في بيان موقف مكي بن أبي طالب من الإسرائيليات بذكر النتيجة الني توصل لها فرحات من دراسته:

قال فرحات:

وإذا كان مكي قد انتبه بالنسبة لتفسير القرآن بالحديث فحرص على أن يفسر بالصحيح منه دون غيره (٣)، فإنه لم يوفق في جانب القصص الإسرائيلية والروايات التاريخية


(١) مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن ص: ٢٦١.
(٢) البقرة: ١٠٢.
(٣) سبق انتقاد هذه النتيجة التي توصل لها المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>