للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على معنى أنهم وهنوا لقتل أصحابهم وجراحهم، فأنزل الله عليهم يعلمهم أن كثيرًا من الأنبياء قاتل معه أصحابه وأتباعه فلم يضعفوا لما أصابهم من قتل وجراح فيتأسوا بهم، واختار بعض أهل اللغة {قاتل} لأنه أبلغ في المدح للجميع (١).

وقال: {كهيعص} (٢) قرأ بعض القراء بإمالة الياء، وعلة الإمالة أنها حرف مقصور، فإذا ثنيت ثنيت بالياء فشابهت ما ثني بالياء من الأسماء. فأميلت لذلك. وسبب الإمالة فيها عند الخليل وسبويه أنها أسماء للحروف فجازت إمالتها لتفرق ههنا بينها وبين الحروف التي لا يجوز إمالتها نحو: ما ولا وإلا ... فإن سميت بشيء منها جازت الإمالة. ولا يحسن إمالة كاف ولا قاف وصاد لأن الألف متوسطة.

{واذكر عَبْدَنا إبراهيم} (٣) قال: أي اذكر إبراهيم وولده إسحاق وولده يعقوب. ومن قرأ {عبادنا} بالجمع أدخل الجمع في العبودية. وجعل ما بعده معطوفًا عليه.

وهو يتعرض في حديثه عن القراءات للشاذ أيضا:

ومن ذلك عند قوله عز وجل {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} (٤) قال: قرأ عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ماأصابهم. ثم قال مكي زاد خمس كلمات ولا يقرأ بذلك اليوم، لأنه خلاف لخط المصحف المجمع عليه.

قال: وقرأ ابن مسعود "أكان للناس عجبٌ " (٥) بالرفع جعل {أن أوحينا} في موضع نصب وهو بعيد، لأن المصدر معرفة، فهو أحق أن يكون اسم كان عجبا، لأنه نكرة.

وفي شرح مشكل الغريب اهتم بإيراد القراءات القرآنية لما لها من أثر في توجيه معاني الآيات ويبرز بوضوح في هذا الكتاب من كتب مفردات القرآن، طغيان مسائل القراءات القرآنية على الجانب اللغوي الذي امتازت به كتب المتقدمين من أئمة اللغة:

ومن ذلك قوله في تفسير كلمة {فأزالهما} (٦)


(١) الهداية ١/ ١٦٠.
(٢) مريم: ١.
(٣) ص: ٤٥.
(٤) آل عمران: ١٠٤.
(٥) وهي قراءة شاذة والجمهور قرأها {عجبا} يونس: ٢.
(٦) البقرة: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>