للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: موقفه من العقيدة (١):

المصنف يحمل على المعتزلة بشدة فمن أول وهلة قال في قوله تعالى {إياك نعبد وإياك نستعين} (٢):

وفي الكلام ما يشعر قلوب المؤمنين من تعاطي الحول والقوة إلا بالله وهذا مما حرمه المعتزلة وسيأتي بيانه.

ومن ذلك أيضا قوله: ولهذا قلنا إن المعتزلة اعتزلوا مقام التعبد لله سبحانه.

ويقول: وزعم المعتزلة أن الإنسان يقدر على أن يخلق الهدى لنفسه ولا يخلق الله الهدى له وأنهم اهتدوا بغير هدى من الله خلقه لهم فحصلوا من ذلك على تسمية الهوى هدى قال الله سبحانه {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} (٣) وقد أمر الله سبحانه عباده المهتدين بأن يقولوا: {اهدنا الصراط المستقيم} (٤) رغبة في أن يخلق لهم الثبات على الذي أنعم عليهم به.

ومن ردوده على المعتزلة قوله: وإضلال الله وهدايته يكونان قدره وقضاؤه بذلك، ويكونان خلقه لهم الضلال والهداية، وإذا قدر ذلك وقضى على أحد في سابق علمه فلا بد أن يخلقه له. وقالت المعتزلة: ذلك محمول على التسمية والحكم بأنهم قد اهتدوا أو ضلوا. وذلك غير معلوم في اللغة، لا يقول العربي: هديت فلانا ولا أضللته بمعنى حكمت بأنه مهتد أو ضال أو سميته بذلك. ثم ما يصنعون بقول الله سبحانه {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} (٥) الآية؟ ثم إن قوله تعالى {يضل به كثيرا} (٦) إنما هو جواب قولهم: {ماذا أراد الله بهذا مثلا} (٧)؟ فلا يطابقه الجواب إلا إذا كان التقدير: يريد أن يضل به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين. فيه دليل قول أهل الحق بالكسب لأنهم كسبوا الفسق فعوقبوا بالإضلال.

وكذلك رد على المعتزلة عند قوله تعالى {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} (٨) بالتفريق بين الإرادة والأمر.

وهو يعتقد بوقوع


(١) انظر أيضًا ابن ظفر الصقلي ص: ٢٤٤ - ٢٧٠.
(٢) الفاتحة: ٥.
(٣) القصص: ٥٠.
(٤) الفاتحة: ٦.
(٥) الأنعام: ١٢٥.
(٦) البقرة: ٢٦.
(٧) البقرة ٢٦.
(٨) البقرة: ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>