للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعراج وغيرها.

وهو يميل إلى التأويل فهو أشعري العقيدة وذلك واضح جلي في تفسيره حيث فسر آيات الصفات وفقا لمذهب الأشاعرة وانتصر له وطعن في المخالفين له وغمز أهل السنة ولمزهم ووصفهم بأوصاف ذميمة قبيحة (١):

يقول في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} (٢) وقال الزجاج: أي عمد وقصد إلى السماء كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا ثم استوى إلى العراق. والاستواء أيضا: العلو، قال الشاعر:

أقول وقد قطعن بنا شَرَورَى ... نواجي واستوين من الضَّجوعي (٣)

أي: علون منها، والضجوع: مواضع منخفضة.

والاستواء أيضا يكون بمعنى الاستيلاء إذا قرن بعلى، تقول: استوى فلان على الملك أي: استولى عليه مثل الإحاطة وكل ذلك جائز في وصف الله سبحانه. فأما الحلولية القائلون استوى: استقر؛ فإنهم مجسمون وقد أكذبهم الله بقوله {ليس كمثله شيء} (٤) إلى ما ادعوه من أن الله سبحانه ليس بغني عن ما خلق والله غني عن العالمين، وقد أجمع المسلمون على أن الله سبحانه كان غنيا عن العرش قبل خلقه فالقول بأنه حدث له حاجة إليه بعد خلقه، كفر صراح تعالى الله عن أن يكون محمولا بشيء أو حالا في شيء أو مجاذبا لشيء أو متنَفّعا بشيء وهو العلي الكبير. وقيل هذا من المتشابه الذي لا يتتبع الفكر فيه والسؤال عنه إلا من في قلبه زيغ؛ روي لنا أن رجلا سأل عنه مالك بن أنس فأجابه بأن قال: الاستواء غير مجهول والتكييف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا، ثم قال: أخرجوه.

وقال في قوله تعالى {بأسماء هؤلاء} (٥) دليل على أن الاسم غير المسمى ومن آمن بأن أسماء الله تعالى ليس لها مثل لم ينكر أن ينفرد في هذا بحكم.


(١) انظر: ابن ظفر الصقلي ومنهجه في التفسير ص: ٢٨.
(٢) البقرة: ٢٩.
(٣) الضَّجوع: رملة بعينها معروفة (انظر لسان العرب ٤/ ٢٥٥٥) وشَرَوْرَى: اسم جبل في البادية (المصدر السابق ٤/ ٢٢٥٥).
(٤) الشورى: ١١.
(٥) البقرة: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>