للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفة: أو يجاب بعكس ما قال الزمخشري؛ وهو أنه خلقت السموات والأرض ملتصقة ثم خلقت الأرض ودحيت ثم فصلت السموات وصيرت سبعا والله أعلم؟ فقال: هذا يمكن لكن الأثر الذي أورده هنا أن الأرض خلقت كالفهر وعلاها الدخان فخلقت منه السموات يرده ماذكره الشيخ الزمخشري ونقله عن الحسن وللفخر في الأربعين كلام طويل وليس فيه خبر صحيح. (١)

وقال: قال ابن عطية: قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كانت الجن قبل بني آدم في الأرض فأفسدوا وسفكوا الدماء فبعث الله إليهم قبيلا من الملائكة فقتلت بعضهم وهربت باقيهم وحصروهم إلى البحار ورؤوس الجبال وجعل آدم وذريته خليفة.

قال ابن عرفة: هذا يدل على أن الجن أجسام كبني آدم لأجل القتل والمبالغة فيه.

قيل لابن عرفة: كيف يفهم هذا مع قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا} (٢) إن اللام في لكم تقضي اختصاصه بنا؟ فقال: لعل اللام هنا ليست للاختصاص، ولو سلمنا أنها للاختصاص يكون مافي الأرض لهم ولا يلزم من ذلك كونه قاصرًا عليهم فهو خلق لهم ولا ينافي أن يكون خلقا لغيرهم.

وقال: قال ابن عطية: لما دخل إبليس لآدم سأله عن حاله فقال له: ما أحسن هذا لو أن خلدا كان. فوجد به السبيل إلى إغوائه. قال ابن عرفة: هذا إلهام للنطق بما وقع في الوجود حيث قال إبليس: {هل أدلك على شجرة الخلد} (٣) كما قال يعقوب عليه السلام لبنيه {وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون} فقالوا له {إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب} (٤) كما قال الشاعر:

احفظ لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق

وأكله من الشجرة إما لظنه أن النهي للكراهة أو المنهي عنها شجرة واحدة بالشخص وهذا من نوعها فقط.

زاد ابن عطية: إن حواء سقته الخمرة فأكل في حال السكر. قيل لابن عرفة: خمر الجنة لا يسكر فقال: إن تلك الجنة التي من دخلها يؤمن من الخروج منها ولعل هذه إذ ذاك كان خمرها


(١) تفسير ابن عرفة ١/ ٢٣٤.
(٢) البقرة: ٢٩.
(٣) طه: ١٢٠.
(٤) الآيتان من سورة يوسف: ١٣، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>