للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عرض رأي أبي حيان بما نصه:

{يخادعون} مستأنفة أو بدل من {يقول آمنا} ولا موضع لها، أو حال من فاعل يقول، فموضعها نصب. ثم انتقل إلى عرض رأي أبي البقاء الذي أجاز أن تكون الجملة حالا من الضمير في {مؤمنين}، وأشار ابن عرفة إلى أنه اعترض بأنه يلزم منه نفي الإيمان المقيد بالخداع، وهو فاسد، لأن المقيد بقيد إذا نفي فله طريقان، إما نفي المقيد فقط وإثبات المقيد، وهو الأكثر، فيلزم إثبات الإيمان، ونفي الخداع وهو فاسد، وإما نفيهما معًا، فيلزم نفي الإيمان والخداع وهو فاسد. قال: ومنع أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لأن آمنا محكي بيقول، فيلزم أن يكونوا أخبروا عن أنفسهم بأنهم يخادعون وهو باطل، وأيضًا فلو كان من قولهم لكان يخادع بالنون.

وفي الخلاصة يؤيد ابن عرفة رأي أبي البقاء المتمثل في إعراب الجملة حالا من الضمير بمؤمنين، ومثال ذلك أن تقول: قال زيد: إن عمرا منطلق، وهو كاذب. فهذه الجملة الأخيرة وهو كاذب في موضع حال مع أنها ليست من قول زيد، وبذلك لايلزم أن يكون {يخادعون الله} (١) مقولا لهم بأي وجه من الوجوه. (٢)

وبالإضافة إلى تعرضه للمواضيع النحوية فإنه يعللها أحيانا، ومن هذا تعليله للتأكيد في قوله تعالى {ومن لم يطعمه فإنه مني} (٣)، حيث أبان أنه أكد الثاني بإن، ولم يقل في الأول: فمن شرب منه فإنه ليس مني. وإنما جاءت الآية بقوله {فمن شرب منه فليس مني} (٤) فأجاب ابن عرفة على هذا بأنه لم يقع تأكيد الأول لأن سببه أكثر في الوقوع، وتم تأكيد الثاني لأن سببه أقل في الوقوع، بهدف التحريض على المبادرة إلى امتثال سببه والعمل بمقتضاه. (٥)

ويرد ابن عرفة إعراب الزمخشري في قوله تعالى {وصدها ماكانت تعبد} (٦)، مستشهدًا على رأيه بالشعر حيث أشار إلى أن واصل صدها: "ما" في الأظهر في حين أن الزمخشري جعله مضمرًا أي ضلالها أو الله أو


(١) البقرة: ٩.
(٢) ق: ٣.
(٣) البقرة: ٢٤٩.
(٤) البقرة: ٢٤٩.
(٥) ق: ٥٩.
(٦) النمل: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>