للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المرتبة الثالثة أعني العبودية لأن الشيخ ابن سينا قال في الإشارات: العارف يريد الحق لا لشيء غيره ولا يؤثر شيئًا على عرفانه وتعبده له فقط لأنه مستحق للعبادة ولأنها نسبة شريفة إليه لا لرغبة أو رهبة أ. هـ فجعلهما حالة واحدة. (١)

كما ينقل عنه مرة ثانية بعدها بصفحة فيقول:

وأقل منه قول الشيخ ابن سينا في الإشارات: لما لم يكن الإنسان بحيث يستقل وحده بأمر نفسه إلا بمشاركة آخر من بني جنسه وبمعاوضة ومعارضة تجريان بينهما يفرغ كل واحدة منهما لصاحبه عن مهم لو تولاه لنفسه لازدحم على الواحد كثير وكان مما يتعسر إن أمكن، وجب أن يكون بين الناس معاملة وعدل يحفظه شرع يفرضه شارع متميز باستحقاق الطاعة، ووجب أن يكون للمحسن والمسيء جزاء من عند القدير الخبير، فوجب معرفة المجازي والشارع، وأن يكون مع المعرفة سبب حافظ للمعرفة ففرضت عليهم العبادة المذكِّرة للمعبود، وكررت عليهم ليستحفظ التذكير بالتكرير أ. هـ (٢)

وتقدم نقله عن ابن عربي. (٣)

كما تأثر بمن لديه انحراف في عقيدته ونقل عنه كثيرا أمثال الزمخشري، وهو يثني على الغزالي وينقل عنه كثيرًا أيضا. (٤)

[ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن]

ومن مواضع تفسير ابن عاشور للقرآن بالقرآن وهي تكاد تكون نادرة وغير مباشرة قوله:

{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم} (٥) قال: وقيل: أريد بالذين آمنوا الذين أظهروا الإيمان فتكون خطابا للمنافقين فيؤول قوله {الذين آمنوا} بمعنى أظهروا الإيمان فيكون تهكما بهم على حد قوله {وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} (٦) فيكون خطابا للمنافقين ... الخ. (٧)

وقال: والعلو في قوله {ولتعلن علوا كبيرا} (٨) مجاز في الطغيان والعصيان كقوله كقوله {إن فرعون علا في الأرض} (٩) وقوله


(١) ١/ ١ / ١٨١.
(٢) ١/ ١ / ١٨٢.
(٣) وانظر أيضا١/ ١ / ٢٠٧، ٢١٠.
(٤) انظر كمثال ١/ ٣٤، ٤٢.
(٥) البقرة: ١٠٨.
(٦) الحجر: ٦.
(٧) ٢/ ٢ / ٢٧٧.
(٨) الإسراء: ٤.
(٩) القصص: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>